تشبعت المناخات السياسية والثقافية والفقهية والإعلامية في عصر المشروطة في ايران، مطلع القرن العشرين، بالحديث والكتابة عن: الاستبداد، والحرية، والقانون، والدستور، والبرلمان، والملكية المستبدة، والملكية المشروطة... وما يتصل بذلك كافة. وكتب فقهاء ورجال دين مؤلفات ورسائل...
تشبعت المناخات السياسية والثقافية والفقهية والإعلامية في عصر المشروطة في ايران، مطلع القرن العشرين، بالحديث والكتابة عن: الاستبداد، والحرية، والقانون، والدستور، والبرلمان، والملكية المستبدة، والملكية المشروطة... وما يتصل بذلك كافة. وكتب فقهاء ورجال دين مؤلفات ورسائل عديدة، لتبرير المواقف المتنوعة حيال تلك المسائل، وكانت رسالة "تنبيه الأمة" للشيخ محمد حسين النائيني، أهم نص للتدليل على المشروعية الفقهية للدستور، وتشكيل البرلمان. اما رسالة "تذكرة الغافل وإرشاد الجاهل"، التي ترجمها عن الفارسية للمرة الأولى مشتاق الحلو، ونشرت هنا كملحق لرسالة النائيني، فإنها تتبنى موقفا رافضا بحماس وصرامة للدستور والبرلمان.
النائيني فقيه وأصولي ومرجع شيعي بارز، واستاذ لجيل من الفقهاء والأساتذة المعروفين في الحوزة النجفية، ممن أضحوا مراجع للشيعة في مرحلة لاحقة، مثل السيد أبو القاسم الخوئي وغيره. اشتهر النائيني بإجتهادات هامة في أصول الفقه، كما تميز بتجديده للفقه السياسي، لكن منجزه الأخير حجب إبداعاته البالغة الأهمية في أصول الفقه، واختُزل النائيني لدى الباحثين والدارسين خارج الحوزة بفقهه السياسي، بل برسالته "تنبيه الأمة وتنزيه الملة". وهذه الرسالة أهم رسالة صدرت خلال المشروطة، وعبرت بوضوح لا لبس فيه عن الموقف المؤيد، لتدوين الدستور الحديث وبناء وإدارة الدولة على أساسه. ألّف النائيني رسالته استجابة الى نقاشات وجدالات وتساؤلات ومعارك فكرية، وفتاوى فقهية متعارضة، بين أنصار المشروطة ودعاتها، ومناهضيها ممن يعبر عنهم: أنصار "المستبدة"، فيما يسمون هم أنفسهم "المشروعة".