لقد تمّيز العصر الوسيط، عصر هيمنة اللاهوت المسيحي على الفكر، بنظرة دونيّة للمرأة استندت إلى ما جاء في سفر التكوين عن دونية المرأة من الناحيتين العقلية والأخلاقية، والتراث المسيحي المعادي للمرأة نظر إلى قضية خلق المرأة ومسؤولياتها عن السقوط "حكاية التفاحة" على أنها واقعة تاريخية.
"يا أيتها النساء اخضعن لرجالكن" كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح هو رأس الكنيسة..." هذه العبارات التي ردّدها فلاسفة المسيحيّة في العصور الوسطى لم يواجهها التنوير بل حاول تبريرها تبريراً عقلياً، وقد عمل كانط على تغليف العبارات المسيحيّة العنيفة بأغلفة رقيقة، فإذا كان القساوسة قد تساءلوا: هل المرأة روح؟ فإن كانط يتساءل: هل المرأة عقل؟ ويجيب نعم للمرأة عقل "جميل" يختلف عن عقل الرجل "العميق".
وكانط يستخدم كلمة "الجميل" استخدامات يغلّف بها أحكاماً بالغة القسوة، منها المرأة لا تتحمل التفكير المجرّد، وليس من الصواب أن تحشو رأسها باللغة اليونانيّة، أو أن تدخل في مناقشات علمية أكاديمية ليس لها فيها رأي أو مشورة، لأنها بذلك تتشبَّه بالرجال...
إن فيلسوف النقد الكبير، وعملاق الفكر الحديث، فشل في حكمه على المرأة عندما استسلم لأفكار عصره، بلا نقد ولا تمحيص، لقد قال كانط: "إن ميزان عقلي ليس خالياً من التحيّز في نهاية الأمر..."