إن الوعي الجمالي ينطوي على أسلوب فهمنا للفن أو خبرتنا به ، والبداهة تقتضي أن كل وعي يكون وعيا بشيء ما . ولكن ما يحدث في حالة الوعي الجمالي هو أن الخبرة – المسترشدة بهذا الوعي – تتجاهل عناصر العمل فوق الجمالية مثل : غرضه ووظيفته ومعنى مضمونه ، وتجرده من كل عناصر المضمون التي...
إن الوعي الجمالي ينطوي على أسلوب فهمنا للفن أو خبرتنا به ، والبداهة تقتضي أن كل وعي يكون وعيا بشيء ما . ولكن ما يحدث في حالة الوعي الجمالي هو أن الخبرة – المسترشدة بهذا الوعي – تتجاهل عناصر العمل فوق الجمالية مثل : غرضه ووظيفته ومعنى مضمونه ، وتجرده من كل عناصر المضمون التي يمكن أن تجعلنا نتخذ اتجاها أخلاقيا أو دينيا ، وتنظر إلى العمل من حيث وجوده الجمالي فحسب. هذا التجريد للعمل الذي يتم فيه تمييز البعد الجمالي ، وقد اهتم جادامر بنقد هذا المبدأ وتعريته في كثير من مقالاته عن الفن فهل يعني رفض جادامر لمبدأ "التمايز الجمالي " أنه يتخذ موقفا مضادا لمفهوم "الجميل في الفن " ، ام يعني تجاوزه لهذا المفهوم الذي ساد في علم الجمال المعاصر ، وخلق نوعا من القطيعة والتعارض بين الفن والطبيعة ، وبين المظهر والواقع ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي الاجابة على اسئلة أخرى كثيرة من قبيل : هل يمكن أن نحصر موضوع الوعي الجمالي في إطار مفهوم الجميل في الفن ؟ وهل مفهوم الجميل في الفن – كموضوع للوعي الجمالي – يكون منعزلا عن حياتنا الواقعية بكل تجلياتها الاجتماعية والدينية والأخلاقية.