-
/ عربي / USD
ما الذي يبرر، الآن، إصدار سلسلة باسم "المكتبة الهيجلية"؟ ولم هيجل بالذات من بين كافة مفكري الغرب نخصه بسلسلة تستهدف، أولاً، تقديم مؤلفاته والدراسات الرئيسية الهامة التي تتمحور حول فكره إلى اللغة العربية وتستهدف ثانياً تنشيط الدراسات العربية في مجال حقل الدراسات الهيجلية؟
لا يعود الأمر فقط إلى أن هيجل يشطر الفلسفة الغربية إلى حديثه ومعاصرة، ففلسفته تمثل اكتمالاً وتتويجاً للفلسفة الأوروبية من ديكارت إلى كانط، وهي في نفس الوقت، تقف في مركز الصدارة من الفكر المعاصر بحيث أن كافة تيارات الفكر المعاصر تجد نفسها مطالبة إما بمتابعته وإما بمعارضته. كما لا يعود الأمر فقط إلى أنه الوريث الحقيقي للعقلانية الغربية ومطورها والدافع لها حتى حدودها القصوى في المنطق الجدلي -وهو الصياغة المنطقية الخالصة لهذه العقلانية- وتطبيقاته في مجالات الحياة والثقافية المختلفة: الحق، التاريخ السياسية، الدين، الفن، الفلسفة.. الخ، ولا لأنه الابن العظيم لألمانيا في القرنين الثامن والتاسع عشر فحسب ألمانيا المتأخرة، والمجزأة والعاجزة تجاه نخبتها الحاكمة وتجاه جيوش الاحتلال الأجنبية، وإنما أيضاً لأن هيجل يمكن أن يكون بالنسبة لنا ما كانه أرسطو بالنسبة لأسلافنا، أي أن يكون أداتنا لتملك "الآخر"، وهو هنا غرب الحضارة والهيمنة، تملكاً عقلانياً واعياً بهدف الخروج من الدائرة المفرغة للفعل التي نحيا داخلها في علاقتنا بالغرب منذ حوالي القرنين.
هذا الكتاب هو الجزء الأول من "محاضرات في فلسفة التاريخ" ويصدر بعنوان "العقل في التاريخ" وفيه يبرهن هيجل على تلك الفكرة الضرورية لإقامة فلسفة التاريخ وهي أن العقل قد حكم التاريخ وأنه ما زال يحكمه رغم ظواهر اللاعقل والشر والفتن والحروب والأهواء والمصالح والطغاة... وذلك أن "اللاعقل" ليس سوى وسيلة يستخدمها العقل لتحقيق إمكانياته وغاياته في الواقع والتاريخ، أو، ليس سوى تعبير عن "مكر العقل"، ودهائه إن شئنا استخدام تعبير هيجل نفسه.
أما الكتاب الثاني من السلسلة فيأتي تحت عنوان "فلسفة هيجل" ويصدر في مجلدين: "المنطق وفلسفة الطبيعة" و"فلسفة الروح" عرضاً متسقاً وشاملاً لمنطق هيجل وتطبيقاته المختلفة في الفلسفة والحق والدين والجمال.
فإذا كان المنطق كما يقول هيجل -هو "دراسة للحياة الباطنية للعقل" أو أنه "نسق العقل الخالص، أو ملكوت الفكر الخالص، وهذا الملكوت الفكر الخالص، وهذا الملكوت هو الحقيقة كما هي -بلا قناع- في ذاتها ولذاتها..." بحيث أن "مضمون المنطق يعرض لنا الله في ماهيته الأزلية، قبل أن يخلق الطبيعة والروح المتناهي.."، فإن فلسفة الروح هي دراسة للأشكال التي يتجلى بها الروح في التاريخ وبموضع قواه ويعلن عن ذاته. وإذا كان المنطق هو الاستيلاء على العالم وتملكه بالعقل، فإن لهذا التملك أشكالاً ضرورية تعرضها لنا فلسفة الروح.
يأتي هذا الكتاب، ليس فقط بطريقة عرضه وبلغته المبسطة وإنما أيضاً بحرارة دفاعه عن الفلسفة الهيجلية وتعاطفه معها، لكي يوسع من دائرة المهتمين بفلسفة هيجل، طالما أنه اتخذ كهدف له نقل هذه الفلسفة من دائرة الخاصة إلى دائرة العامة.
أما الكتاب الرابع "المنهج الجدلي عند هيجل ،دراسة لمنطق هيجل" فيعرض فيه الباحث الهيجلي المصري إمام عبد الفتاح إمام منهج هيجل عرضاً نسقياً متلاحماً حيث يأخذ بأيدينا في المسالك الوعرة لمنطق هيجل: ممهداً الطريق أمام لغتنا العربية الحديثة ومطوعاً إياها كي تتمثل وتعبر عن فلسفة هي، بإجماع الباحثين والدارسين، من أكثر الفلسفات تحدياً -ببنائها الدقيق وشمولها- لعقل الإنسان المعاصر، بالإضافة إلى أنها ربما كانت أكثر الفلسفات- بمصطلحاتها وأفكارها- استعصاءً على النقل والترجمة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد