قدم سارة الجروان في كتابها “بنت نارنج الترنج” اثنتي عشرة حكاية شعبية إماراتية أو “حزاية” كما تسمى شعبيا استقتها شفاها من الرواة، وصاغتها بطريقتين الأولى بالعامية على طريقة الرواة مع تصرف كما صرحت بذلك، والثانية بالفصحى فكأن الثانية ترجمة للأولى .تدور كل هذه الحكايات في...
قدم سارة الجروان في كتابها “بنت نارنج الترنج” اثنتي عشرة حكاية شعبية إماراتية أو “حزاية” كما تسمى شعبيا استقتها شفاها من الرواة، وصاغتها بطريقتين الأولى بالعامية على طريقة الرواة مع تصرف كما صرحت بذلك، والثانية بالفصحى فكأن الثانية ترجمة للأولى .
تدور كل هذه الحكايات في بيئة تشابه البيئة الإماراتية التقليدية من حيث بنية المجتمع وطبيعة المكان، حيث تقدم الحكايات النماذج الخيرية في صورة أشخاص ضعفاء لا سند لهم، كالنساء اليتيمات والأطفال المدللين الذين لا تجربة لهم في الحياة والأشخاص الوحيدين الذين لا ظهر لهم، ولكي تنتصر هذه الشخصيات العزّل فإنها تحتاج إلى قوة خارقة، أسطورة من خارج الواقع، ومن قوى الطبيعة، كامتلاك الأجنحة أو وجود سند من الملائكة أو الجن أو الغيلان أو غيرها، وهذا هو ما استدعى البعد الأسطوري في النص، ففي مجتمع تقليدي، تلعب القوة الدور الأكبر في حل المشكلات، ولأن الأشرار إذا امتلكوا تلك القوة فسيطغون على الضعفاء فقد كان لا بد على المجتمع أن يبتدع تلك الحكايات القائمة على هذا البعد الخارق لقوة الخير والتي تصوره على أنه سينتصر لا محالة وعلى أن الظالم لا بد أن ينال عقابه يوماً ما، فالشاب الذي رمى أمه العجوز في قفار لتموت وحيدة ولم يكن لها من الأبناء غيره، سيلقى ذلك الشاب بعد أن يشيب ويضعف المصير نفسه على يد ولده، ومن المؤكد أن أي صبي صغير في ذلك المجتمع البدوي يسمع هذه القصة لا بد أن يرتعد قلبه، ويظل يتذكرها لتشكل ميزانا في علاقته مع أبويه ورادعاً له عن الإقدام على سوء في معاملتهما .
من هنا تبرز أهمية تدوين تلك الحكايات وإبرازها للناس في كتاب لكي تتمكن الأجيال اللاحقة من قراءتها، ولعل جدات المستقبل يعدن إلى روايتها، أو لعلها تحول إلى قصص كرتونية نابعة من حاجات وتراث مجتمعها لتحل محل القصص الكرتونية الغربية التي تملأ فضاءنا .
محمد ولد محمد سالم