-
/ عربي / USD
"بعد أربعين عاماً سأعرف اسمها الحقيقي، وتأتي المعرفة مصادفة، كأنما كتب، في لوح القدر أن أتألم من أجلها مرتين: أولاهما عندما كنت طفلاً في الخامسة من العمر، وثانيها عندما نيًّفت على الخامسة والأربعين! لقد كانت في المرة الأولى امرأة منبوذة، وكانت في المرة الثانية امرأة شقية، وهي، في الحالين، ضحية مجتمع ذكوريّ ظالم، يبرر للرجل ما لم يبرر، ويعد الأنشوطة للمرأة، التي هي من كل النواحي، محكومة بحرمٍ اقترفه هذا الرجل بالذات، فناب عنه المجتمع بإصدار حكمه الأقسى من الإعدام! أذكر، في ما وعت ذاكرة الطفل الذي كنته، أن والدي قال لوالدتي ذات يوم: لا تدعي هذه المرأة تدخل هذا البيت. قالت الوالدة: وماذ أفعل إذا طرقت علينا الباب؟ أغلقيه في وجهها! وإذا لم يكن لها من بيت تأوي إليه؟ لتذهب إلى جهنم عندما تموت، إذا لم يغفر لها الله، لكنها الأن حية، فماذا تفعل بنفسها؟ وهل أنا مسؤول عنها؟ ألست خالها؟ أنا برئ منها إلى يوم القيامة؟... ورنت صفعة على خدّ الوالدة، خلتها، في خوف الطفل على الأم، أنها رفت على خدّي، فما كان من الوالد إلا أن رفع يده الثانية، فانفجرنا، أخواتي وأنا، بالبكاء، وركضت الوالدة إلى المطبخ فاحتمت بداخله، بينما الشتائم في حقّ "جنس حواء" تتشظّى وترتطم بجدران البيت!..".
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد