حينما تُطرح كلمة "النهضة" في الخطاب العربي المعاصر فهي تُطرح بوصفها مصطلحًا أو بوصفها حقبة تاريخية تمثِّل مرحلة في الثقافة والتاريخ العربيين، غير أنّ ما سأطرحه هنا هو الزعم بأنّ كلمة "النهضة" هي قيمة شعرية مجازية، تَصدُق عليها كلّ قيم المجاز والمتخيَّل البلاغي بوصفها تورية...
حينما تُطرح كلمة "النهضة" في الخطاب العربي المعاصر فهي تُطرح بوصفها مصطلحًا أو بوصفها حقبة تاريخية تمثِّل مرحلة في الثقافة والتاريخ العربيين، غير أنّ ما سأطرحه هنا هو الزعم بأنّ كلمة "النهضة" هي قيمة شعرية مجازية، تَصدُق عليها كلّ قيم المجاز والمتخيَّل البلاغي بوصفها تورية ثقافية، أصابها ما يصيب الثقافة كلها بكافّة مصطلحاتها من نسقية ومجازية ينفصل فيها القول عن الفعل وتكتسب الكلمة قيمة شعرية لا عملية ولا منطقية وتبدأ سيرة حياة الكلمة وكأنما هي حبكة سردية ونظام مجازيّ يترتّب مصيرها مع ميلادها، وتنتهي مجازيًا مثلما ابتدأت مجازيًا، بما إنها مشروع خياليّ، محكومٌ بالنسق الثقافي المتَشَعْرِن.
وليس من الصعب ملاحظة الترادف الدلاليّ المصاحِب لمنظومة النهضة حيث تتصاحَب كلمة النهضة في نشوئها عربيًا مع كلمة المستبدّ العادل حيث ظهرتا معًا في توقيت واحد، ومثل ذلك كلمة الثورة المتصاحِبَة مع كلمة الزعيم الأوحد، مثلما تتناسل الدلالات المصاحِبَة كالوطنية والحرية مع مصطلحات الأمن الوطني والمصلحة العليا، ويتحوَّل مصطلح الديمقراطية والتعدّد إلى مرادف ذهنيّ يرتبط بمفهوم المصلحة العليا والأمن الوطني بمعنييهما الخاصّين، ويتشكّل من ذلك مفهوم ناسخ دومًا وإنْ أتى بصيغة الإثبات، وهذا كلّه يكشف عن لعبة التورية الثقافية والثنائية المَجازية بوصف ذلك مضمرًا نسقيًا يتصاحَب مع لحظة التأسيس للمفهوم ليشكِّل حالة نسخ ونفي متواترة.