يعالجُ الكتاب "ظهور" اللّوحة الزيتية من المغرب الأقصى إلى إمارات الخليج، في القرون الخمسة الأخيرة، إذ لم يكن ظهورها بالعملية السهلة، ولم يكن ظهورًا فنيًّا فقط، بل كان أيضًا ظهورًا سياسيًّا واجتماعيًّا.اتّجه الكتاب إلى تفقُّد اللوحة في القصر والبيت قبل صالات العرض...
يعالجُ الكتاب "ظهور" اللّوحة الزيتية من المغرب الأقصى إلى إمارات الخليج، في القرون الخمسة الأخيرة، إذ لم يكن ظهورها بالعملية السهلة، ولم يكن ظهورًا فنيًّا فقط، بل كان أيضًا ظهورًا سياسيًّا واجتماعيًّا. اتّجه الكتاب إلى تفقُّد اللوحة في القصر والبيت قبل صالات العرض والمتاحف، وفي كتابات الرحّالة والمؤلِّفين (من أوروبيين وعرب) قبل المؤرِّخين الفنيين. لهذا يمكن القول إن هذه القماشة المشدودة، أو المثبتة فوق إطار خشبي، كانت أشبه بمرآة عريضة مبسوطة بين أطراف المجتمع، وتعرض بالتالي أحواله: لجهة ما يريده (أو لا يريده)، وما يطلبه (أو لا يطلبه)، من صُور، لنفسه، وعن نفسه. استعرض الكتاب، في أبوابه الثلاثة وفصوله العشرة، هذه المسائل وغيرها، وتعقّبَ الأعمال الفنية في بداياتها، وتعرّف إلى فنانيها الأوائل والمؤسِّسين. قام الباب الأول بالتعرُّف التاريخي إلى مسألة "ظهور" اللوحة، في النطاقَين العثماني والعربي، فتبيّن الدورات المختلفة لهذا الفنّ في المجتمعات المعنية، في وتائرها المتباينة، بلوغًا إلى دورتها الأخيرة "دورة الذيوع والتأكُّد" في الخليج العربي. أما الباب الثاني فقد تمَّ تركيز الجهد البحثي فيه على معاينة الحدوثات التي أوجبتْها هذه الثقافة الفنية الناشئة في اللغة كما في الخطاب العربيَّين، بما فيه "فتاوى" الفن. وانصرف الباب الثالث إلى فحص الوجود الفني للوحة، فتوقّف عند "المدارس" والأنواع والموضوعات والأساليب التي اتَّبعَها أوائل الفنانين والرواد، وما اشتملت عليه معالجاتهم هذه من خبرات ومهارات وكفاءات، وما قامت عليه هذه من عمليات قبول وتحوير واستبدال وغيرها. هذا ما جعل الدرس الفني يجمع مثلما يمايز، في منهجه، بين ميادين ثلاثة للفن (المجتمع، واللغة، والعمل الفني)، تبعًا لمقاربات متعدِّدة جمعتْ بين التاريخي، واللغوي، والديني، والترجمي، والمعجمي، والتأليفي، والاجتماعي، والفني، والجمالي وغيرها. وهذا عنى، في الأساس، التعاملَ مع الفنّ بوصفه ظاهرة اجتماعية "كلّية"، لا جزئية، ولا "قطاعية"، إذا جاز القول.