كثيرون صاروا يتحدثون، اليوم، عن السرديات في الوطن العربي في دراساتهم وأبحاثهم ومقالاتهم، رغم أن الكثيرين، أيضاً، أعلنوا موتها أو انتهاءها الى الطريق المسدود، بانتهاء البنيوية، وظهور ما بعدها. لقد صارت هناك مختبرات للسرديات أو جماعات للسرد في العديد من الأقطار العربية....
كثيرون صاروا يتحدثون، اليوم، عن السرديات في الوطن العربي في دراساتهم وأبحاثهم ومقالاتهم، رغم أن الكثيرين، أيضاً، أعلنوا موتها أو انتهاءها الى الطريق المسدود، بانتهاء البنيوية، وظهور ما بعدها.
لقد صارت هناك مختبرات للسرديات أو جماعات للسرد في العديد من الأقطار العربية. ولا يمكن للمرء إلا أن يستبشر خيراً بالمستقبل. لكن المستقبل يتأسس هنا والآن. لذلك لا بد من انتهاج تصور آخر للتعامل مع السرديات ومنجزاتها النظرية والتطبيقية.
تتفاوت أشكال التعامل مع السرديات أو الاشتغال بها أو طريقة فهمها بتفاوت القدرات السردية والكفاءات المنهجية، كما تختلف التصورات وتتباين المنطلقات. فهل نعني الشيء نفسه حين نتحدث عن السرديات؟ أم أن لكل منا "سردياته" الخاصة، وهو يفهمها ويمارسها على النحو الذي يرتضي غير مكلف نفسه عناء السؤال: هل هو سردي فعلاً؟ أم أنه فقط مدعي سرديات؟
يطرح هذا الكتاب واقع "السرديات" في الوطن العربي، ويتتبع واقع السرديات في البلدان التي تتطور فيها، وقد انتقلت مما صار يسمى بـ "السرديات الكلاسيكية" الى "السرديات ما بعد الكلاسيكية"، مبيناً الأسباب الكامنة وراء تعثر السرديات عندنا وتقدمها عندهم، راسماً ملامح الطريق التي تمكننا من الانتقال من النقد السردي الى السرديات، باعتبارها علما، يبحث في "السردية" سواء تحققت من خلال اللغة أو الصورة أو الحركة، وأياً كان الوسيط الذي يتحقق من خلاله السرد، شفوياً أو كتابياً أو صورياً أو رقمياً.