إن إصدار كتاب عن الحراك الشعبي العربي، قبل اكتمال فصوله ومعرفة نتائجه، هو مغامرة محفوفة باحتمالات سلبية عديدة منها احتمال توجيه اتهامات من أكثر من طرف بأنني أستبق تحليل حدث لم تكتمل فصوله خاصة أن السجالات حول هذه الظاهرة الفريدة في تاريخ الأمة العربية كانت كثيرة، شابتها...
إن إصدار كتاب عن الحراك الشعبي العربي، قبل اكتمال فصوله ومعرفة نتائجه، هو مغامرة محفوفة باحتمالات سلبية عديدة منها احتمال توجيه اتهامات من أكثر من طرف بأنني أستبق تحليل حدث لم تكتمل فصوله خاصة أن السجالات حول هذه الظاهرة الفريدة في تاريخ الأمة العربية كانت كثيرة، شابتها اتهامات متبادلة بين التيارات السياسية، كما بين الأشخاص.
ولقد بدأت تلك السجالات والاتهامات على قدم وساق منذ اندلاع ما أُطلق عليه (الثورة الليبية) تحديداً، وما تزال السجالات تتراكم فيما لحق بها من حراكات، والاتهامات المتبادلة لم تتناقص بل تزيد. وكان الأكثر إيلاماً فيها ما كانت تدور بين أصحاب الاتجاه الواحد، أي الاتجاه الحريص على أن يحصد الحراك الشعبي أفضل النتائج، ولعلَّ أفضلها هو ما ينتج عنه تغيير فعلي في مناهج الأنظمة الرسمية وليس في أشخاصها أولاً، وإبعاد السكين الخارجية عن رقاب الشعب والهيمنة على أنظمة الحكم الرسمية معاً ثانياً.
وإذا كان إقدامي على إصدار كتاب حول هذه الظاهرة فهو لأن معظم المسائل الخلافية بالتحليل والرأي كانت مستندة إلى الواقعة الخبرية ولم تأخذ الرؤية الاستراتيجة دورها في السجال والحوار. لذا آليت على نفسي أن أتحصَّن بعوامل الرؤية الاستراتيجية كي أنجو من أفخاخ التحليل الخبري، خاصة أن الإعلام الذي كان يوجِّه إلى الرأي العام كان مفخخاً بالفعل، وهذه حقيقة لا ينكرها المتساجلون والمتحاورون.