يمثل النقاش والجدل بين الفيلسوفين المغربيين محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن تجسيداً للاصطدام بين نموذجين فلسفيين عرفهما تاريخ الفلسفة العربية؛ نموذج مستند إلى النظر ومقدم له، ونموذج قائم على العمل ومنطلق منه. كما يجسد الجدل تنوع الفلسفة العربية، وتداخل مستوياتها...
يمثل النقاش والجدل بين الفيلسوفين المغربيين محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن تجسيداً للاصطدام بين نموذجين فلسفيين عرفهما تاريخ الفلسفة العربية؛ نموذج مستند إلى النظر ومقدم له، ونموذج قائم على العمل ومنطلق منه. كما يجسد الجدل تنوع الفلسفة العربية، وتداخل مستوياتها الدينية والفلسفية أو الطبيعية والشرعية في إطار ما يسميه الفيلسوف المغاربي أبو يعرب المرزوقي بـ "الكلي"، بوجهيه التاريخي واللاهوتي بشكل متداخل، وتأسيساً للفعالية النظرية والعملية في إطار متمازج حيناً ومتصادم حيناً آخر.
كما يعبر الجدل بين الفيلسوفين المغربيين عن النقاش الفلسفي المثمر الذي أنتجه العقل العربي من خلال تفاعله مع الفكر اليوناني لفهم مدونة الإسلام، بما هو مرجع نظر وعمل للفيلسوف العربي، وبما أبدعه من خلال إمكاناته التفكيرية الذاتية المستندة إلى أطره المرجعية والحضارية.
وقد ركزنا في هذا الكتاب على الجدل الفلسفي بين الجابري وطه عبد الرحمن من خلال البحث اللغوي؛ إيماناً منا بأن البحث اللغوي، بمفهومه المعرفي، يختزل الترابط بين اللغوي والديني والفلسفي والنفسي، إضافةً إلى أن اللغة تختزل الرؤية الإدراكية للفيلسوف للكون، وهي التي يعبر من خلالها الفيلسوف عن بنائه الفلسفي وقدرته التفسيرية ونموذجه المعرفي.