تعتبر قصة ولادة المسيح من المواضيع التي أسالت مداد الكثير من الباحثين حولها، على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم، لما لهذه القصة من أثر عميق في توجيه الفكر الديني عموماً، والمسيحي منه على وجه الخصوص. وهذا التباين في وجهات النظر المختلفة حول كل مجريات ومستلزمات هذه القصة، كان...
تعتبر قصة ولادة المسيح من المواضيع التي أسالت مداد الكثير من الباحثين حولها، على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم، لما لهذه القصة من أثر عميق في توجيه الفكر الديني عموماً، والمسيحي منه على وجه الخصوص. وهذا التباين في وجهات النظر المختلفة حول كل مجريات ومستلزمات هذه القصة، كان راجعاً بالأساس إلى إشكالية تعدد المصادر التي استقى منها الفكر المسيحي تصوراته وبنائه العقدي والفكري، الشيء الذي يعتبر ضرورياً من الناحية المنهجية ونحن نتناول قضية لها وزنها في الفكر الديني عموماً. ولها أيضاً تبعات خطيرة تتجاوز في مداها البعد الديني إلى آفاق السياسة والاجتماع، وغير ذلك من المجالات. إن الذين اعتنقوا المسيحية وبشروا بها في كتاباتهم كانوا من أصول وثقافات متعددة. وكل واحد منهم يحمل في طياته أفكاراً وتصورات تنبئ عن المرجعيات المتعددة التي ينطلق منها كل واحد، وتبرز التثاقف الحاصل بين الأديان والحضارات والعقائد. إن أهمية الموضوع الذي نحن بصدد مقاربته الآن، تنبع من أهمية الكتب المقدسة نفسها. فلقد شكلت هذه الكتب والوثائق التاريخية على مر العصور إحدى المحددات الأساسية، والموجهات المركزية للعقل المتدين بشكل عام في كل زمان أو مكان. كما تنبع أهميته أيضاً من الواقع المعاصر بكل تشكيلاته وتعقيداته.