كثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تناولت نشأة الفكر الاعتزالي وعلم الكلام في بداياته الأولى، بنيت على استنتاجات وتقريرات لم تستند إلى وقائع علمية، فتراءت عند التمحيص ظنوناً بعيدة المنال. وكان كثير من كتّاب التراجم والفِرق ضحايا هذا الضرب من الاختزال والاستنتاجات السريعة،...
كثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تناولت نشأة الفكر الاعتزالي وعلم الكلام في بداياته الأولى، بنيت على استنتاجات وتقريرات لم تستند إلى وقائع علمية، فتراءت عند التمحيص ظنوناً بعيدة المنال. وكان كثير من كتّاب التراجم والفِرق ضحايا هذا الضرب من الاختزال والاستنتاجات السريعة، مع أن الخوض في نشأة الكلام والاعتزال في نهاية القرن الهجري الأول، يمكن تشبيهه بمن يبحث في الظلام عن سبحة انفرط عقدها منذ زمن مديد. ولئن كان تراث عمرو بن عُبيد الفكري قد ضاع ولم يصلنا منه شيء، إلا أن كتب الفِرق والمقالات تكفلت بعرض شذرات متفرقة من سيرته ومواقفه وآرائه، ولا يخفى أن تجميع هذه المتفرقات وتنسيقها في بحث موحد، عملية عسيرة وصعبة المنال، ولكنها مهمة ومفيدة جداً في فهم نشوء الفكر الإسلامي وتطوره، في بواكيره الأولى، قبل أن يختلط كثيراً بألوان الفكر الأخرى، فارسية أو هيلينية. فما الجديد الذي يمكن أن يأتي به بحث حول بواكير التفكير الكلامي في القرنين الأول والثاني الهجريين، بالتركيز على عمرو بن عُبيد وفكره الكلامي شخصية وفكراً وإضافة؟