لا يتعلق "السعي وراء القرآن الحي" - في هذا الكتاب - بأي سعي إلى طرد الدين من واقع الناس، بحسب ما قد يتقوَّل البعض عن عمدٍ وسوء قصد - بقدر ما يتعلق بالسعي إلى تحرير الدين، نفسه، من قبضة خطاب لا يكتفي بالحط من شأن الإنسان، بل يضطر في سعيه إلى تثبيت هذا الحط - إلى التنقيص من جلال...
لا يتعلق "السعي وراء القرآن الحي" - في هذا الكتاب - بأي سعي إلى طرد الدين من واقع الناس، بحسب ما قد يتقوَّل البعض عن عمدٍ وسوء قصد - بقدر ما يتعلق بالسعي إلى تحرير الدين، نفسه، من قبضة خطاب لا يكتفي بالحط من شأن الإنسان، بل يضطر في سعيه إلى تثبيت هذا الحط - إلى التنقيص من جلال الله، وضرب أسوار الجمود والصمت حول القرآن. وهذا ما يهدد مسار اكتمال التحول الديمقراطي في العالم العربي، بما يعنيه من خطورة اختزال التحول الديمقراطي في مجرد العملية السياسية فحسب، إذ يبدو أن اكتمال هذا المسار مشروط ببناء خطاب للأنسنة؛ يتحرر فيه الله والقرآن من التصورات التي تجعلهما يحضران كمجرد قناعين لسلطة مستبدة. والحق أن متانة الارتباط بين الله والقرآن والإنسان تبلغ حداً من الجوهرية يكون معه تحرير التصور الخاص بالواحد منها شرطاً في تحرير التصور المتعلق بالحدين الآخرين. وختاماً، يمكن القول إن ما يكون من أجل الإنسان، إنما هو - أيضاً - من أجل الله والقرآن، والعكس.