-
/ عربي / USD
ثمة في تاريخ الفكر ما يجعل الأمر البسيط غاية في التعقيد والغموض، فيذهب بالفكرة ناحيةً لم يكن مؤسّسوها قد ذهبوا إليها أو ظنّوا أن تنجرّ إليها، وتاريخ الفكر الديني حافلٌ بهذا الإنزياح المفاهيمي للمقولات، مفاهيم بسيطة وواضحة تغدو بمرور الأيام وضخّ السجالات أكبر مما نتصوّر جميعاً.
ولعلّ هذا ما حصل في الفكر الشيعي بالتحديد، حينما حاول فرقاء عديدون إيجاد قفزات نوعية في بُنية المفاهيم الشيعية نفسها، مما عدّه بعضهم إغتيالاً للعقل الشيعي، والشيء الملفت الذي حصل معاصرة هذه القفزات لصيرورة سياسية نوعية شهدها المجتمع الشيعي، على سبيل المثال الدولة البويهية والدولة الصفوية و...
وما يثير في هذه التحوّلات النوعية في الفكر الديني السياق الذي يحدثها، والذي يكمن - عادةً - في نظام القولبة الذي بتبلور الفكر الديني على أساسه، فالدين أشبه شيء بالماء الصافي الذي يتخذ أشكاله تبعاً للظرف الذي نضعه فيه والآنية التي تستوعبه، ومعنى ذلك أن السياق الزمكاني والأركيولوجي الذي يتموضع الفكر الديني داخله يترك تأثيرات بالغة على تكوّن المفاهيم المساعدة في هذا الفكر أو على إعادة إنتاج القديمة عينها في ظلّ أوضاع جديدة تفرض عليه أحياناً إجراء تعديلات بنيوية رئيسة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد