ظهرت العديد من الدراسات الفلسفية والدينية والأنثروبولوجية والتاريخية التي حاولت تناول الدين بوصفه ظاهرة ثقافية للكشف عن طبيعته وماهيته الحقيقية، وبالتالي تبيان خصوصية هذه الطبيعة التي تميزه عن غيره من الظواهر الإنسانية، ففي حين حاول كانط (Kant) التمييز في الظاهرة الدينية...
ظهرت العديد من الدراسات الفلسفية والدينية والأنثروبولوجية والتاريخية التي حاولت تناول الدين بوصفه ظاهرة ثقافية للكشف عن طبيعته وماهيته الحقيقية، وبالتالي تبيان خصوصية هذه الطبيعة التي تميزه عن غيره من الظواهر الإنسانية، ففي حين حاول كانط (Kant) التمييز في الظاهرة الدينية بين دين الوحي والدين الطبيعي، وكشف هيغل (Hegel) عبر المنهج الجدلي تطور الروح في تعينه في اللحظة الدينية بوصفها تفكراً عقلياً بالصور والرموز، وتناول المنهج الفينومينولوجي الهوسرلي (Husserl) الظاهرة الدينية بوصفها خبرة ذاتية روحية معاشة، نجد أن علم الاجتماع ممثلاً بدوركهايم (Durkheim) يبحث في هذه الظاهرة بوصفها نسقاً من المعتقدات والممارسات التي ترتبط بالمقدّس والمحرّم ومن خلال الكشف عن العلاقات المتبادلة القائمة بين الدين والمجتمع والتفاعل بينهما. أما تيليش (Tillich)الذي استفاد من جميع الآراء السابقة عليه، فنظر إلى الدين بوصفه معنى يتجلى في الظواهر الاجتماعية والروحية والفلسفية والعلمية والجمالية، وهو ينظر إلى الدين باعتباره موقفاً وجودياً، محاولاً بذلك أن يكشف عن الأبعاد الدينية للوجود الإنساني عبر مفهوم المعنى، بقصد دراسة تجليات الخبرة الدينية وتجديدها، من هنا كان السؤال المركزي لدى تيليش: ما المعنى؟ وكيف يمكن تناول علاقة المعنى بالواقع وبفعل الروح المشكّل لبناء (الواقع-المعنى)؟