إذا كانت مرحلة اليقظة العربية الأولى، مع عصر النهضة، قد ساهمت، بشكل حاسم، في استعادة إشكاليات فكرية، أخفتها مرحلة الانحطاط تحت رداء، غالباً ما كان يتخذ لبوساً دينياً، الأمر الذي أثر بشكل مباشر في مستوى التفكير والممارسة، إلا أن المرحلة المعاصرة لا تختلف كثيراً عن سابقتها،...
إذا كانت مرحلة اليقظة العربية الأولى، مع عصر النهضة، قد ساهمت، بشكل حاسم، في استعادة إشكاليات فكرية، أخفتها مرحلة الانحطاط تحت رداء، غالباً ما كان يتخذ لبوساً دينياً، الأمر الذي أثر بشكل مباشر في مستوى التفكير والممارسة، إلا أن المرحلة المعاصرة لا تختلف كثيراً عن سابقتها، سواء على مستوى التجسيد أو على مستوى النتائج. لكن المشترك بين المرحلتين هو طبيعة الإشكاليات المطروحة، فرغم مرور أكثر من قرن على صيغتها الأولى فإنها ما زالت تحافظ على طابعها الإشكالي نفسه. ولعلّ هذا ما يؤكد، مرة أخرى، أن التحديث الذي مورس على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمن، لم يتجاوز سطح الخطاب، بينما ظلت الآليات المتحكمة في صياغة الخطاب، الممارسة على حالها، تشكل امتداداً لمنظومة القيم التراثية القديمة. ضمن هذا السياق الإشكالي، إذن، تتموقع هذه الدراسة، وهي إذ تنشغل بمقاربة إشكاليات فكرية، ذات طابع نظري، فهي تنشغل، في الآن ذاته، بالراهن السياسي العربي المنفجر على إيقاع المد الثوري، وتحاول مقاربة بعض أسئلته الشائكة.