إن النبش في ذاكرة الدمع ليس إلا محاولة لتبيان أن لجسد الإنسان عشرات الطرق للتعبير عن نفسه: بالحركة، بالانفعال، باللغة.. وضمنها الماء النازل من العين. ونحن مغربياً وعربياً، في حاجة جدية إلى إعادة تمثّل علاقتنا بالجسد، من موقع السؤال الأزلي الدائم: هل الجسد ملكية خاصة لصاحبه،...
إن النبش في ذاكرة الدمع ليس إلا محاولة لتبيان أن لجسد الإنسان عشرات الطرق للتعبير عن نفسه: بالحركة، بالانفعال، باللغة.. وضمنها الماء النازل من العين. ونحن مغربياً وعربياً، في حاجة جدية إلى إعادة تمثّل علاقتنا بالجسد، من موقع السؤال الأزلي الدائم: هل الجسد ملكية خاصة لصاحبه، أم إنه وديعة لديه فقط؟ هنا يكمن السؤال الثقافي الأصعب للعربي المسلم أمام ذاته، والذي لا تزال الأجوبة عنه متباينة، متنافرة، متضادة، وفي الكثير من الأحيان متصادمة. لأنه جزء من سؤال آخر أشمل، هو شكل العلاقة بين الفرد والجماعة في الثقافة العربية الإسلامية. هل الفرد حرّ في ذاته ولذاته، أم إنه جزء من جماعة، وأن قانونها أسمى من حريته في ذاته ولذاته؟ إنه ذلك السؤال الكبير بين منطق العشيرة والقبيلة والطائفة والعلاقات الاجتماعية للمجتمع الفلاحي، وبين منطق الفرد المسؤول عن ذاته وأفعاله، المستقلّ بقراره، ضمن نظام المدينة، كما بلورته المجتمعات الصناعية منذ القرن الثامن عشر.