إن “مجهود تعريف الدين يتقاطع مع المطلب الليبرالي المعاصر المتمثل في ضرورة أن يبقى الدينُ مفصولاً عن السياسة والقانون والعلم”؛ هذا ما أشار إليه طلال أسد، كجزء من نقده للعلمانية الليبرالية. يأخذ هذا الكتابُ انتقاداتِ أسد على محمل الجد ويركز على ديناميات السلطة التي تمت...
إن “مجهود تعريف الدين يتقاطع مع المطلب الليبرالي المعاصر المتمثل في ضرورة أن يبقى الدينُ مفصولاً عن السياسة والقانون والعلم”؛ هذا ما أشار إليه طلال أسد، كجزء من نقده للعلمانية الليبرالية. يأخذ هذا الكتابُ انتقاداتِ أسد على محمل الجد ويركز على ديناميات السلطة التي تمت فيها صياغةُ خطابات الدين والعلمانية تاريخياً وتم الاحتفاظ بها في سياق هيمنة العلمانية الليبرالية بهذا القدر أو ذاك، وهيمنة القوميين والثقافيين والإمبرياليين، وكذلك المصالح الاقتصادية التي يتوافقون معها.
هذا الكتاب هو مجموعة من المساهمات الفردية والدراسات التي كتبهاعلماء ودارسون متخصصون، وكان
المفهوم المركزي أو “المصطلح النقدي” الذي وجّه أعمالَهم في هذا العمل هو مفهوم صناعة الدين. إذ يحيل هذا المفهوم في معناه العام إلى الطرق التي يتم بها التي يتم بها تشكيلُ بعضِ الظواهر الاجتماعية وإعادةُ تشكيلها في خطابِ الدين (أو الأديان) العالمية. وبعبارة أخرى، يحيل المفهومُ إلى تجسيدِ بعضِ الأفكار والتشكيلاتِ الاجتماعيةِ والممارساتِ ومأسستِها على أنها “دينية” بالمعنى الاصطلاحي الغربي للكلمة، ويتم بذلك إلحاقُها بنظامٍ معرفيٍّ دينيٍّ خاصٍّ وبتدابيره السياسية والثقافية والفلسفية والتاريخية.
إن الهدفَ الأساسي لهذا العملهو دراسة نتائجِ التبني الاستعماري وما بعد الاستعماري لتجسيدات النموذج الغربي للدين وتبني النخب غير الغربية لمقابله المثير للجدل (العلمانية). لذلك، يسعى المساهمون إلى النأي بأنفسهم عن التعارض بين الدين والعلمانية الذي يُعتبَرُ شيئاً مركزياً لدى أنصار أطروحة العلمنة وأتباعها، وينحازون بدلاً من ذلك إلى أولئك العلماء المهتمين باستكشاف مختلف التضمينات الإبيستمولوجية والسياسية لتَشَكُّلِ الخطابات “العلمانية” و”الدينية” وتبعية بعضها لبعض.