هذا الكتاب هو محاولة لتقديم أفكار تنبع من فهم مقاصدي وسنني لتعزيز ما يسمى هنا “دولة مدنية بمرجعية مقاصدية”، وفي هذا السياق ينقد الدكتور جاسر عودة الأطروحات الإسلامية الحالية في مجال “السياسة”، ويحاول تصور خطوطاً عريضة لنموذج مدني تعددي. وهذا الهدف بالنسبة إليه هو هدف...
هذا الكتاب هو محاولة لتقديم أفكار تنبع من فهم مقاصدي وسنني لتعزيز ما يسمى هنا “دولة مدنية بمرجعية مقاصدية”، وفي هذا السياق ينقد الدكتور جاسر عودة الأطروحات الإسلامية الحالية في مجال “السياسة”، ويحاول تصور خطوطاً عريضة لنموذج مدني تعددي. وهذا الهدف بالنسبة إليه هو هدف مرحلي وليس نهاية المطاف في الإصلاح المنشود، الذي لا يكتمل إلا بتجاوز هذه الدويلات المستوردة نفسها وهو التجاوز الذي لا يتناقض مع الشعور الوطني كما مر. كما يرى المؤلف أنه لا بد من العودة إلى شكل من الوحدة الإسلامية الواسعة والمؤثّرة في مسار البشرية. وبرأيه، هذه الوحدة العامة لن تتحقق من دون خطوة مدنية الدولة والتخلص من كابوس الاستبداد بصوره كافة وإعادة تعريف النظام السياسي ليكون وسيلة لتحقيق مصالح الناس وسياسة تنوعهم بحكمة وسماحة.
وفي سياق البحث نفسه، رأى الدكتور عودة أهمية خاصة لمقاربة أصولية ومراجعة نظرية لقضية تأسيسية، ألا وهي قضية “المرجعية الإسلامية”. وسؤال: ماذا نعني بالمرجعية الإسلامية في شؤون السياسة والمجتمع اليوم؟ بات سؤالاً مهماً ولإجابته أثر كبير في تصور النظام المنشود الذي نطلق عليه اسم “إسلامي”.
يتوزع هذا الكتاب ثلاثة فصول: فصلان نظريان وفصل تطبيقي. أما الشق النظري التأصيلي، فيبحث في فصلين موضوعيين، أولهما؛ فصل في منهجية تحليل المفاهيم السياسية ويتناول مفهوم الدولة المدنية، وثانيهما؛ فصل يبحث في أصول ومنهجية الحكم على “المرجعية” في المجال السياسي بناءً على مقارنة نقدية لمرجعيات إسلامية مختلفة، منتهياً إلى طرح مقاصد الشريعة كمرجعية في تلك الشؤون.وأما الفصل التطبيقي، فيتناول تصور “الدولة المدنية” المنشودة من بُعد التعددية السياسية الشاملة باعتبارها الخطوة الثورية الأساسية التالية للتخلص من آفة الاستبداد.