يواصل الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن نقده للحداثة في واقعها ومشروعها الذي يباشر فصلَ مختلف مجالات الحياة عن الدين؛ فبعد كتابه روح الدين الذي مَـحَّص قول العَلمانيين بفصل المجال السياسي عن الدين، أفرد الكتابَ الذي بين يديك للدعوى التي تقول بفصل المجال الأخلاقي عن الدين،...
يواصل الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن نقده للحداثة في واقعها ومشروعها الذي يباشر فصلَ مختلف مجالات الحياة عن الدين؛ فبعد كتابه روح الدين الذي مَـحَّص قول العَلمانيين بفصل المجال السياسي عن الدين، أفرد الكتابَ الذي بين يديك للدعوى التي تقول بفصل المجال الأخلاقي عن الدين، واضعا لها اسما خاصا، وهو: “الدهرانية“؛ فاستخرج الصيغَ المتعدّدة التي اتخذتها هذه الدعوى، والتي اختلفت باختلاف تصوُّراتها لعلاقة الإله بالإنسان، مفصّلا الاعتراضات التي تتوجه على هذه الصيغ والتصورات الدهرانية جميعا؛ وتَميَّـز هذا النقد بسِمتين أساسيتين: إحداهما أنه بُني على نظرية فلسفية وضعَ هذا المفكر المبدِع أُسسَها ومبادئها ومسائلها، وهي: “النظرية الائتمانية“؛ والثانية أنه شَـمَل أيضا المقلِّدين من مثقَّفي الأمة لِمفكري الدهرانية، فكشف مساوئ العبودية الفكرية التي وقعوا فيها، بدءا من البؤس في الأفكار وانتهاءً باليأس من الاستقلال.