لم تنشأ الديمقراطيات في كثيرٍ من دول العالم سوى بعد كفاحٍ طويل لنُخب ونُاشطين وتيارات وحركات سياسية وثقافية واجتماعية في مواجهة أنظمة مستبدة ومسيطرة مُحاطة بشبكات اقتصادية وسياسية وثقافية تدافع عنها وتستفيد من بقائها. هذه التجارب في تأسيس أنظمة ديمقراطية في عشرات الدول...
لم تنشأ الديمقراطيات في كثيرٍ من دول العالم سوى بعد كفاحٍ طويل لنُخب ونُاشطين وتيارات وحركات سياسية وثقافية واجتماعية في مواجهة أنظمة مستبدة ومسيطرة مُحاطة بشبكات اقتصادية وسياسية وثقافية تدافع عنها وتستفيد من بقائها. هذه التجارب في تأسيس أنظمة ديمقراطية في عشرات الدول وعلى امتداد مئتي عام، مع ما صاحبها من نضالات في مواجهة القوى الرافضة لهذا التحول والمستفيدة من بقاء الاستبداد والفساد وسيطرة فئات على قرار الدولة، أنتجت معرفةً وراكمت خبرات سياسية وثقافية ونقابية واجتماعية في غاية الثراء والغنى والتنوع، وكوّنت ما يمكن اعتباره قوانين وسُنن ومبادئ مستقرة تُنظِّم مراحل التحول من دول شمولية أو شبه ديمقراطية إلى دول ديمقراطية راسخة ومُستقرة، يمكن لها أن تكون مُرشداً للشعوب التي تخوض كفاحاً سياسياً وثقافياً واجتماعياً ضد الطبقات الحاكمة والمستغلة من أجل تأسيس مجتمعات حُرّة ومتطورة. هذا الكتاب عبارة عن جهدٍ بحثيٍ واسقصائيٍ طويلٍ ومضنٍ، قام باستقراء وتحليل معظم تجارب التحول الديمقراطي في العالم، ودراسة متى تتقدم الديمقراطية ومتى تتراجع، وهل ثمة استثناءات وخصوصيات لا تخضع لهذه الجدليّة، وعلاقة كل ذلك بمعدلات التنمية ومؤشرات الحرية، واستخلاص أبرز معالم وقوانين هذه التحولات.