في الدول التي شهدت ثورات شعبية واحتجاجات واسعة طالبت بإسقاط الأنظمة الشمولية الاستبدادية والانتقال إلى أنظمة ديمقراطية – كما جري ويجري في دول الربيع العربي – يغدو الحديث عن “العدالة الانتقالية” والكيفية التي سيتم بها التعامل مع جرائم وانتهاكات النظام السابق هو الموضوع...
في الدول التي شهدت ثورات شعبية واحتجاجات واسعة طالبت بإسقاط الأنظمة الشمولية الاستبدادية والانتقال إلى أنظمة ديمقراطية – كما جري ويجري في دول الربيع العربي – يغدو الحديث عن “العدالة الانتقالية” والكيفية التي سيتم بها التعامل مع جرائم وانتهاكات النظام السابق هو الموضوع الأكثر أهمية وإثارة للجدل.
استطاعت الباحثة الأمريكية نويل كالهان – مؤلفة الكتاب – القيام بعمل بحثي واستقصائي مهم درست فيه سياسات العدالة الانتقالية، واستقرأت فيه أنماط التعامل مع الانتهاكات التي ارتكبتها الأنظمة الشمولية في لحظات التحول الديمقراطي والتي تراوحت بين ثلاث مسارات، إما “القصاص العنيف” كما حصل في فرنسا وإيطاليا وأثيوبيا رومانيا وما قد يسببه ذلك من دورات انتقام وعنف وربما مجازر، أو انتهاج سياسة “العفو ونسيان الماضي” كما حصل في عدد من دول أوروبا الشرقية بعد إسقاط الحقبة الشيوعية مع ما تسببه هذه السياسة من بقاء مجرمي النظام السابق وأركان فساده وأدوات قمعه دون عقاب وهو ما سيدفعهم لاستخدام نفوذهم وأجهزتهم لإفساد وإعاقة عملية التحول الديمقراطي، أو اتباع “سياسات الحق والعدل” التي تقتص ممن ارتكبوا جرائم وانتهاكات دون موجات انتقام عنيفة ولا تسامح يعفو حتى عن المجرمين.
وقد توسعت المؤلفة في دراسة ثلاثة تجارب ثريّة ومختلفة لدول تحولت من الشمولية إلى الديمقراطية وتجلت فيها “معضلات العدالة الانتقالية”، وهي ألمانيا الشرقية وبولندا وروسيا.