في القرن الرابع عشر، كان لابن تيمية نقدًا شاملاً ودقيقًا للمنطق الأرسطي، وهو نقدٌ يعبّر عن رفض كل المحاولات العقلانية لتأويل القرآن وأحاديث السنة، فهو مؤمن بأن القرآن وحيٌ إلهي لا يطاله الشك ولا ريب فيه. وابن تيمية يُمثل نموذجًا أساسيًا لآراء المذهب السني “مستندًا إلى...
في القرن الرابع عشر، كان لابن تيمية نقدًا شاملاً ودقيقًا للمنطق الأرسطي، وهو نقدٌ يعبّر عن رفض كل المحاولات العقلانية لتأويل القرآن وأحاديث السنة، فهو مؤمن بأن القرآن وحيٌ إلهي لا يطاله الشك ولا ريب فيه. وابن تيمية يُمثل نموذجًا أساسيًا لآراء المذهب السني “مستندًا إلى التمسك الشديد بالقرآن وبالسنة النبوية الصحيحة، مؤمنًا بأن هذه النصوص المقدسة تضم كافة التوجيهات الروحية والدينية اللازمة لإنقاذ المسلمين” على الأرض وبعد الموت.
هذه الأطروحة تقدم تحليلًا تاريخياً مقارناً لابن تيمية دمشقي المنشأ، والراهب الأوروربي غريغوري أستاذ علم اللاهوت في باريس في إطار التراث الديني والفلسفي لكل منهم، حيث نقض كل منهما أتباع المذهب الأرسطي في إثبات الوحي الإلهي في الديانة الإسلامية والديانة المسيحية على التوالي.
فقد كفلت حركات الترجمة التي انتقلت من بغداد إلى طليطلة فيما بعد نقل الأعمال العلمية والفلسفية اليونانية إلى العالم الإسلامي أثناء “الخلافة العباسية” وإلى العالم الأوروبي المسيحي في القرن الحادي عشر، وبحلول القرن الرابع عشر كان لكل من التراث الإسلامي والتراث الأوروبي الديني تاريخًا طويلًا من استيعاب منطق أرسطو؛ حيث رفض كل من ابن تيمية وغريغوري الريميني النظرية التي تقول بإمكانية استخدام التفسير المنطقي لإثبات العقيدة الدينية التي يطرحها القرآن والكتاب المقدس، وقد نقض ابن تيمية التفسير المنطقي بالكلية، بينما قبِل جريجوري بالاستخدام المشروط لهذه النظرية.