نعيش اليوم في حقبة تغيرات جديدة شكّلت فاصلاً بين عقود من الزمن عاشتها أغلب الدول العربية، وتجاوز صداها المحيط الإقليمي إلى السياسات والمجتمعات والتحالفات العالمية؛ وحتى النظريات السياسية والمعرفية لم تسلم من التغيير. إنها مرحلة الثورات العربية التي تحوّلت إلى مشاريع...
نعيش اليوم في حقبة تغيرات جديدة شكّلت فاصلاً بين عقود من الزمن عاشتها أغلب الدول العربية، وتجاوز صداها المحيط الإقليمي إلى السياسات والمجتمعات والتحالفات العالمية؛ وحتى النظريات السياسية والمعرفية لم تسلم من التغيير. إنها مرحلة الثورات العربية التي تحوّلت إلى مشاريع تغيير جذري للأنظمة السياسية وإعلان استقلال جديد حسمته الجماهير والفئات المهمشة، ونظمته التقنية والاتصالات الحديثة وليس خطابات الأحزاب والتنظيمات السرية أو البيانات الانقلابية. كل هذا أدّى إلى تقاربات فكرية جمعت التيارات المتباينة إلى وسط فسيفسائي تشكّل منه الطيفان الفكري والسياسي في منبر واحد، وأحياناً قد يتشظى كل طيف بحسب المواقف والأحداث.
كل هذه المظاهر وغيرها جاءت مع مرحلة التحوّل الثوري التي صبغت المجتمعات العربية بنمط جديد من التغيرات والمحددات الفكرية والمعطيات الواقعية التي تشكّلت وفق سنن وقوانين مجتمعية. ومع أنّ الموضوع يغلب عليه التنظير السياسي؛ إلا أن مقصد هذا الكتاب هو تفسير هذه الحالة وفق سنن الشرع والمجتمع، مع فهم الدروس التي قدَّمتها بعض المجتمعات العربية في تحوّلها الإصلاحي، أو في معالجات ما بعد الثورة، هذه الرؤى والأفكار يقدمها المؤلف من زاويته الشخصية من أجل الخروج بتصورات واجتهادات تحمل مشاعل هداية وصلاح لمجتمعاتنا العربية والإسلامية.