تفشت في المناهج الفكرية والفلسفية عموماً أغلوطة منطقية أو مغالطة يمكن أن نطلق عليها مغالطة الثنائيات مفادها تعرض القضية الفلسطينية على أنها اختيار بين نتيجتين منطقيتين لا ثالث لهما ويدور الجدل بين متناظرتين كل يسعى إلى إثبات حجته وإفحام خصمةفمثلاً نجد جدلاً طويلاً بين...
تفشت في المناهج الفكرية والفلسفية عموماً أغلوطة منطقية أو مغالطة يمكن أن نطلق عليها مغالطة الثنائيات مفادها تعرض القضية الفلسطينية على أنها اختيار بين نتيجتين منطقيتين لا ثالث لهما ويدور الجدل بين متناظرتين كل يسعى إلى إثبات حجته وإفحام خصمة
فمثلاً نجد جدلاً طويلاً بين أنصار المنهج الموضوعي وأنصال المنهج الذاتي كل يسعى إلى إثبات رؤيته وهناك جدل بين أهل الفلسفة حول ثنائية العلم والدين التي يحسبونها متعارضة إلا أنهما وإن تعارضا في بعد ما إلا أنه يقوم أحدهما على الآخر. فمثلاً إن طريقة القرآن الكريم في إثبات وجود الله تعالى وفي الإيمان هي الملاحظة والتفكر والنظر.
كما ظهرت مغالطات ثنائية في بعض نظريات أصول الفقه منها اختلاف الأصوليين في حجية المصادر بين ما يعتبر حجة مقبولة وما يعتبر باطلاً كذلك اختلافهم حول مفهوم المخالفة الذي يعني أن وجود حقيقة ما يقتضي غياب نقيضها.
هذه المغالطات من شأنها أن تنتج جموداً في الفقه وأن تشكل عقلية لا تقبل توسطاً بين الاختيارات المتجاذبة ولا الجمع بين المعاني المتنوعة ما يحد من مرونة الأحكام وتعدديتها ومن قدرة الفقه على التكيف مع تغير الظروف والأحوال
كل ما ذكر ليس إلا مقدمة لما سيأتي في هذا الكتاب الذي يحمل بين ثناياه موضوعاً أساسياً في عملية التجديد والإحياء الإسلامي المعاصر ألا وهو وضع النقد الأصولي للنظرية النسخ تلك النظرية التي جانب الكثير من الفقهاء الصواب في تصورها وتطبيقها قديماً وحديثاً.