إذا واجه الفقيه رواية وأراد إستنباط حكم معين منها فعليه القيام بالمهمات التالية: أ-إثبات دلالة الرواية على الحكم المعين، والطريق لذلك هو الإستظهار، فحتى ما استطهر منها الدلالة على ذلك الحكم تم المطلوب من الناحية المذكورة، وعملية الإستظهار عملية وجدانية لا يمكن ان تقع في الغالب تحت ضابط معين، ويتصدى الفقيه عادة لدعوى الإستظهار وإثباتها في الفقه عند ممارسته إستنباط الحكم، ب-إثبات حجية الدلالة أو ما يصطلح عليه بحجية الظهور، وهذا ما يتصدى له الأصولي في مبحث الحجج من علم الأصول، ج-إثبات حجية خبر الثقة وإلا فلا يمكن البناء على صدور الخبر بعد فرض عدم العلم بصدوره، وهذا ما يتصدى له الأصولي في مبحث حجية الخبر، د-إثبات أن الخبر خبر ثقة ليمكن الحكم بحجيته طبقاً لقاعدة حجية خبر الثقة، وإثبات ذلك يحتاج إلى دراسة رجال السند ليعرف أن هذا أو ذاك ثقة أولاً.

وفي الحقيقة لا بدّ من البحث أولاً عن الحجة هل هو خصوص خبر الثقة أو الأعم من ذلك والخبر الحسن أو الضعيف المنجبر بعمل المشهور أ... وإذا كان سند الخبر ضعيفاً فهل يمكن الإستعانة بنظرية التعويض لتصحيحه؟.

إن هذه الأسئلة وما شاكلها هي ما يحاول المؤلف الإجابة على بعضها في هذا الكتاب ليتسنى للطالب إذا ما وصل إلى مرحلة الإستنباط وحاول الدخول في ذلك الميدان إجتياز العراقيل من هذه الناحية، والإجتهاد بنفسه وذلك عند دراسته لهذه المطالب التي تمّ إستعراض بعضها في هذا الكتاب، وأن يفكر ويتأمل في صحتها وسقمها، وعدم الإعتماد على ما ساقه المؤلف أو غيره بأنها صحيحة، فالمجال ليس مجال تقليد؛ بل مجال إجتهاد وميدان التقليد هو الفقه والأحكام الفقهية دون المطالب الرجالية (سند الحديث).

وإلى هذا، وزيادة في الفائدة، قام المؤلف بإستعراض المطالب الرجالية وتطعيمها بالتطبيقات العملية، وذلك ليكون لدى الطالب تلك المعرفة التي تمكنه من إستخراج الأحاديث من وسائل الشيعة وكيفية تعرفه على صحة السند، لذا فقد تم اللجوء، وبين آونة وأخرى، وفي هذا السياق، إلى نقل بعض الأحاديث من وسائل الشيعة والتصدي بشكل فعلي لدراسة سندها.

هذا وقد تم تقسيم الكتاب إلى قسمين: قسم يرجع له الطالب بداية أمرة، وأما القسم الثاني فهو لا يختلف عن الأول إلا بالتوسع قليلاً، وأُطْلِق على القسمين عنوان "دروس تمهيدية في القواعد الرجالية"، هذا وقد اشتمل الكتاب على فصول أربعة تضمنت المحاور التالية: منهجة أبحاثنا (طرق إثبات وثاقة الراوي، تطبيقات، التوثيقات العامة، مدرك صحية قول الرجالي) الفصل الثاني وقد تضمن ما يلي: البحث عن أقسام الحديث (الشهرة على خلاف الخبر الصحيح خبر الثقة أو العادل، خبر الثقة أو الموثوق به...) الفصل الثالث: نظرات في بعض كتب الحديث (نظرات في كتاب الكافي، في كتاب من لا يحضره الفقيه، في التهذبيين) الفصل الرابع: نظرات في بعض كتبنا الرجالية (رجال الكشي رجال الشيخ وفهرسته، رجال النجاشي) هذا بالنسبة للقسم الأول، وقد تضمن القسم الثاني فصولاً أربعة جاء عناوينها على النحو التالي: طرق إثبات وثاقة الراوي، الفصل الثاني البحث عن أقسام الحيدث، الفصل الثالث نظرات في بعض كتب الحديث، الفصل الرابع نظرات في كتبنا الرجالية (نظرات في رجال الكشي، في رجال الشيخ الطوسي، رجال النجاشي، كتب رجالية أخرى).