-
/ عربي / USD
تعد فريدة كاهلو ( 1907 – 1954 ) أكثر الشخصيات حيوية من بين عدد غفير من المساهمين في النهضة المكسيكية الحديثة : زوجة رسام الجداريات ذائع الصيت دييغو ريفيرا ؛ وهي رسامة فانتازيات بدائية أو فطرية ، وصفها أندريه بريتون بأنها رسامة سريالية . فريدا عاشقة متيّمة ، شيوعية متحمسة ، شاركت في المسيرات الإحتجاجية وهي عاجزة ، تجلس على كرسي ذي عجلات متحركة ، دهمها المرض وهي في ميعة الصبا ، عانت من شلل الأطفال ، خبرت الألم الممض ، حوّلت جروحها النازفة إلى لوحات تقطر وجعاً ولوعة ، سخرت من الألم والموت ، عشقت الأطفال لأنها حُرمت من الإنجاب ، أحبت زوجها حباً لا نظير له ورعته أفضل ما تكون الرعاية ؛ لكنها في الوقت نفسه أحبت رجالاً كثيرين ، عاشت قصصاً غرامية مع ليون تروتسكي ، الهارب من بطش ستالين ، ومع النحات إيسامو نوغوتشي ، ومع المصور الفوتوغرافي نيكولاس موراي ، وسواهم . تعلّقت بتربة المكسيك ، وحضارتها العريقة ، حضارة الأزتيك والمايا ، لبست الأزياء المحلية التقليدية ، كانت أصابعها تُظهر معرضاً متبدلاً من الخواتم ، تصفف شعرها بأساليب مختلفة ، تضفره أحياناً ، وتزيّنه بالأزهار ، علّمت الطلبة فنون الرسم ، لكنها شدّدت على أن يختط كل واحد منهم مساره الخاص ؛ جميلة الملامح ، قوية الإرادة ، سريعة البديهة ، ساخرة ، متهللة الأسارير . هي بحق امرأة متعددة الوجوه ، كُتب عليها أن تتعذب طول سني حياتها ، لكنها ظلت تروي النكات والنوادر على سرير المرض ؛ مع إنها كانت تجرجر جسداً عليلاً ، لم تبخل على خدمها وأصدقائها وصديقاتها ومحبيها وأفراد أسرتها وطلبتها بالعاطفة والحنان والدعم المادي والروحي والمعنوي . أحبت الحيوانات الأليفة ، ومنها القرود ، وعشقت الطيور ، ومنها الببغاوات ، وجسّدت شغفها هذا في البورتريهات – الذاتية التي رسمتها . ولأنها كانت مجبرة على البقاء طريحة الفراش ، ومحصورة بين جدران غرفتها في المستشفى أو منزلها الأزرق في كوايواكان ، مكسيكو سيتي ، هذا الوضع دفعها لأن ترى نفسها باعتبارها عالماً شخصياً . كانت تبغي دوماً أن تكون محاطة بالأصدقاء والصديقات ، قوّت الخصال التي كانت تملكها أصلاً : الحيوية المفرطة ، الشهامة ، الفطنة ، السخرية . خلقت نفساً ستكون قوية بما يكفي كي تتحمل محن الحياة وقساوتها .
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد