-
/ عربي / USD
هذه الرّوايةُ تُقرَأ - أو لنقل - يجب أن تحدُث لك مرّة واحدة، شانها شأن الطّفولة وكلّ الوقائع المحكومة بالّلاعودة، كيف لا والرّاوي يتهيّؤ أمامنا للموت أو هو يستعجل قدومه عن طريق إبتداع القصص وروايتها على نفسه، مُتحلّلاً تدريجياً على إيقاع تدهور حالة شخصيّاته، لاغياً نفسه والقارئ معاً.
رغم ذلك يسود على جوّ القراءة نوع من التّآمر مع الرّاوي والإنخراط في لعبته الأخيرة، سِرّه في ذلك شدّك إلى النّهاية عن طريق إستفزازك بل وإزعاجك بإمتداحه للموت وهو سائر نحوها، كأنّه يلوم البشر على الفكرة السيّئة التي يحملونها عنه، هل هي إذاً ببساطة دعوة لحبّ الموت؟...
لا أعتقد أنّ بيكيت قد يكفيه مثل هذا المطبّ لكتابة رواية تراوح بين المرارة والعمق والشعريّة والفكاهة السّوداء المُضحكة (في مناسبات كثيرة).
لا ننسى أوّلاً أنّنا إزاء الرّواية الثّانية ضمن ثلاثيّة غير مُتّصلة في أحداثها لكنّها مجتمعَةً تُشكّل مأزق الإنسان الذي تحالف جسده مع الوجود ضدّه فاستحال قلقاً مُجرّداً، الإنسان الذي - بسبب وعيه بمرض الحياة - أصبح يجد سلوى في إنتحال الحقيقة.
كان بيكيت في روايته الاولى قد صاغ نصّه على نحو جعل من الإنسان، أو هو جعلنا نشهد كيف أنّ إنساناً قد تحوّل إلى وضع، إلى تشبيه صرف، إلى مرحلة، وها هو في هذه الرّواية غير بعيد عن السّياق الأوّل يضرب لنا مثلاً آخر في العذاب الوجودي، ويطرح سؤالاً اكثر إحراجاً وهو يضيّق الخناق على إنسانه الأوّل مولوي.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد