يفجّر الكتاب الدكتور محمد إحسان "الصمت: جرائم الإبادة الجماعية في كوردستان العراق" مسألة مهمة خارجة عن تقاليد الثقافة العربية، ومناقضة لمألوفيتها، كتاب يخرج عن النصوص التي تناولت قضايا الإستبداد العربي، ليروي لنا كيف عاش العراقيون في ظل الدكتاتورية شقاءً طويلاً. لم يكتفِ...
يفجّر الكتاب الدكتور محمد إحسان "الصمت: جرائم الإبادة الجماعية في كوردستان العراق" مسألة مهمة خارجة عن تقاليد الثقافة العربية، ومناقضة لمألوفيتها، كتاب يخرج عن النصوص التي تناولت قضايا الإستبداد العربي، ليروي لنا كيف عاش العراقيون في ظل الدكتاتورية شقاءً طويلاً. لم يكتفِ الحاكم فيه بما نهب وتسلط، بل ترك لنا أكبر مأساة، عندما قرر في لحظة أن يحوّل الآلاف من الأبرياء إلى هياكل بشرية.
إنه "زمن الكوليرا" كما نبهنا غابرييل غارسيا ماركيز، الزمن الذي شرع فيه صدام حسين أبواب الجحيم ضد الكورد لحظة استخدم السلاح الكيماوي في حلبجة .. ذلك الزمن الذي استبدل فيه علي حسين المجيد اسمه بعلي كيماوي!
الكتاب (الوثيقة) يحاول الإجابة على أسئلة تُثار في كل مرة يتم الحديث فيها عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الكوردي. والأهم التعرف على طبيعة حاكم مثل صدام أصرّ على أن نعيش معه الحروب مثل الأوبئة مثل الطاعون، يلتهم الجميع فيصبح القتل جزءاً من نظام سياسي يشرع قوانين الموت، مثلما أحرق هتلر أسرى الحرب بأفران الغاز، استخدم صدام الأسلحة الكيماوية ضد الأبرياء .. دائماً كان الضعفاء – الشرفاء يدفعون ثمن جنون الحكام، في الحروب الصغرى أو الكبرى .. فيما القائد يطلق الرصاص "منتصراً"، والمساكين في الطرقات يحملون اقدارهم، إذا ما كانت لهم أقدار.
كتب جان جاك روسو "الحروب، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين ضعيف وقوي، يتحول فيها الضعفاء إلى ضحايا بحكم القدر".
قدر المستبدين أن يزرعوا الفوضى ويفلتوا الزمام للغرائز، حيث تغيب الرحمة وتنتشر الفوضى ويعم التشرد، وتتحول كل عائلة إلى مأساة، الرهينة فيها مواطن أعزل.
كتاب محمد إحسان (الصمت: الإبادة الجماعية في كوردستان العراق)، سيرة طاعون، لا يسمع صراخ ضحاياه، ولا يرى جثثاً ولا دماء، ونراه عندما يفتك بالناس يعود إلى منصة الخطابة يهنأ بانتصاراته .. يسمي الموت بلاءً حسناً .. المهم أن لا تجادل في حق الحاكم بحرق شعبه وعليك أن تساق إلى الموت وأنت تنظر إلى السماء ولا تسأل أين المفر؟