هل أراد ياسين طه حافظ من عنوان "مخاطبات الدرويش البغدادي" أن يشكل مفتاحاً مناسباً لشخصية الفقيه الورع المجاهد أي الطيب البغدادي صاحب المقام المعروف والكرامات المشهودة أم أنه أراد القبض على زمن آفل، حاول جمعه ولولمته في ديوان شعري يشكل جزءاً من سيرة ذاتية بعثرها...
هل أراد ياسين طه حافظ من عنوان "مخاطبات الدرويش البغدادي" أن يشكل مفتاحاً مناسباً لشخصية الفقيه الورع المجاهد أي الطيب البغدادي صاحب المقام المعروف والكرامات المشهودة أم أنه أراد القبض على زمن آفل، حاول جمعه ولولمته في ديوان شعري يشكل جزءاً من سيرة ذاتية بعثرها الزمان.
ومهما يكن من أمر، تبدو الرؤيا التصوفية تهندس نص الشاعر وترسل فيوضاته وإشعاعه على مدى صفحات الديوان، وقد رسخ الوعي الشعري هذه الرؤية في انشطارات الرؤيا الشخصية للذات الشاعرة وفاعلية حساسيتها في مشهد من الكتابة الشعرية الجديدة حيث حضور عناصر الحكاية داخل الحدث الشعري وسخونته، وتعالقات الذاكرة الشخصية واستنطاقها وبث إرسالياتها النصية. نقرأ للشاعر:
"أنا في مسار دائر / حكم المسيرة فيه شرْ / وأنا أدورُ لكي أرى / النور الذي من كل هذا الشرّ / ينقذني / أنا لا أريد سوى حبيبٍ بعض ضوءٍ / منه يبهجني / فدع الحياة ولغوها للآخرين / فليس ما في الكون يشغلني / أنا لا ارى غير الذي أرجوه، / لا أألو مجاهدةً ، / سأموت في المسعى إليه / وخرقني كفني". وهكذا ترشح لغة النص عن شعرية الحكاية في ديناميتها الشعرية وجمالية ملفوظاتها التي تشكل في مضمونها إيقونات دلالية؛ ذات محولات وإشارات تتسع لأكثر من معنى، وهذه هي ميزة النص.
يضم الديوان "مخاطبات الدرويش البغدادي" مائة وأربعون مقطعاً شعرياً توزعت على مدى صفحات الكتاب، يسبقها مقدمة للشاعر.