لعل من الواجب إنصاف كثير من الأدباء الذين غادرونا إلى دنيا الخلود وكان لهم فضل الكلمة الصادقة في تبني قضايا المجتمع ولا سيما طبقاته المكافحة في سبيل لقمة العيش التي بذلت الغالي والنفيس من أجل ديمومة وإستمرار حركة النضال والكفاح ضد الأنظمة الفاسدة المتسلِّطة على رقاب...
لعل من الواجب إنصاف كثير من الأدباء الذين غادرونا إلى دنيا الخلود وكان لهم فضل الكلمة الصادقة في تبني قضايا المجتمع ولا سيما طبقاته المكافحة في سبيل لقمة العيش التي بذلت الغالي والنفيس من أجل ديمومة وإستمرار حركة النضال والكفاح ضد الأنظمة الفاسدة المتسلِّطة على رقاب الجماهير، من خلال فضحها وبيان عيوب أساليبها ووسائلها في التعامل معهم وقمع قضيتهم. ويقف في طليعة هؤلاء الكتاب والأدباء الكاتب والروائي والصحفي (شمران يوسف الياسري) الأديب اليساري إبن الريف الجنوبي، الذي ألحق الشارع العراقي بأحاديث عبر إذاعة بغداد وبرنامجه المميز (احجيهه بصراحة يا أبو كاطع) الذي شد إنتباه المستمع بأسلوبه الواضح البسيط وموضوعاته الشعبية التي لقيت إستحسان الجميع، وسلسلة المقالات التي كان يكتبها في الصحف والمجلات الثقافية في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، كصحيفة طريق الشعب وصحيفة الفكر الجديد ومجلة الثقافة الجديدة. هذه المقالات كتبت بأسلوب ساخر جمع بين اللغتين العامية والفصيحة وبخاصة لغة الريف العراقي التي تمثل الأصالة العراقية والإنتماء الصميم لهذه الأرض، إذ افصحت عن إمكانية كاتبها وإمتلاكه أدوات الكتابة الحقيقية من حيث بلاغة الأسلوب ولا سيما أسلوب السخرية الناقد للأوضاع العامة آنذاك، السياسية والإجتماعية. واعتمد الكاتب في أغلب الأحيان طريقة التعبير بأسلوب المقامة من خلال راويته (خلف الدواح) إذ يقول: حدثنا خلف الدواح أن...) حتى ينأى الكاتب عن طائلة المساءلة القانونية أمام النظام الحاكم، فيكون هو مجرد ناقل للكلام. ولأهمية هذه المقالات وتأثيرها الكبير في تسليط الضوء على قضايا المجتمع العراقي، جمع الدكتور عادل العزاوي هذه المقالات في كتابه هذا، إنصافاً منه لعمل هذا الصحافي الكبير تقديراً لكلمته الحرة النزيهة التي قالها بحق الطبقة العاملة والشعب العراقي ككل.