كانت فكرة هذا الكتاب الأصلية قد أقنعتني بتأليف سيرة شخصية لبستاني اسقرّت صورته في ذهني منذ منت طفلاً. كان ذلك البستاني رهين حديقة واسعة الأرجاء، وجليس أنواع لا تحصى من الورود والأشجار، ونديم أجناس لا تهدأ من الطير والفراش والديدان، ومرشد أصناف شتّى من الناس. كان المنتزهون...
كانت فكرة هذا الكتاب الأصلية قد أقنعتني بتأليف سيرة شخصية لبستاني اسقرّت صورته في ذهني منذ منت طفلاً. كان ذلك البستاني رهين حديقة واسعة الأرجاء، وجليس أنواع لا تحصى من الورود والأشجار، ونديم أجناس لا تهدأ من الطير والفراش والديدان، ومرشد أصناف شتّى من الناس. كان المنتزهون الهائمون فرادى وأزواجاً في الحديقة يطهرون وحدتهم من هواجس الحصر والكبت بالاستمتاع ببساطة التكوين الطبيعي وتناسقه وجماله، والعشاق يطقئون أوار عشقهم بسكون الطير وعناق الزهر وشباب الأرض، فإذا طال بهم الالتفاف والانزواء تلقوّا من البستاني، إينما رأوه في زاوية بالحديقة، همسات شاردات أو تلويحات صامتات.