تحول النص الخيالي، والنص النظري، بين يدي المبدع والدارس إلى يوتوبيا، مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر- بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني، وإضاءة الأركان المعتمة، أو نصف المضاءة في الإنسان يسعى -على النقيض- إلى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة، داخلاً...
تحول النص الخيالي، والنص النظري، بين يدي المبدع والدارس إلى يوتوبيا، مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر- بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني، وإضاءة الأركان المعتمة، أو نصف المضاءة في الإنسان يسعى -على النقيض- إلى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة، داخلاً المعترك الأرضي، يداً بيد مع المغامر السياسي، لتطبيقها. طبعاً عادة ما يكون الشاعر أو الكاتب الخيالي، لضعف تأثيره العملي وضعف حيلته، مع السياسي، أو تحت ظله، أو خلفه، يزوده بدفق المشاعر التي يفتقدها الأخير، ثم مع الأيام يجد نفسه وقد تقزم إلى مؤيد ومطبل، للسياسي الذي تسلم زمام السلطة. حدث هذا بصورة غاية في الملموسية والتاريخية مع ثقافة رؤى البعث القومية، والثقافة المعارضة لها في العراق. خرج الشاعر الذي لا يرى إلا "جنةً عرضها الوطن العربي"، معززاً بالشاعر المعارض له الذي يراها جنة "بذلة العمال الزرقاء". وبدأت معهما مخاضة الدماء، التي انتهت بصعود الدكتاتور. أكثر من نصف قرن لم يترك فيه هذا المعترك الدامي بين الأهواء الثقافية، التي أخذت لبوس السياسي ونزلت إلى الشارع، فرصة لرئة العربي والعراقي للتنفس الصحي. وكما ابتنى معترك الأهواء اللامسؤولة سلماً لصعود الدكتاتور، كذلك ابتنى الدكتاتور سلماً لبلوغ نهايته المحتومة. هذه أوراق بمثابة يوميات، كنت أكتبها في لندن يوميات تتأمل، داخل الساحة الزمنية المتبقية للدكتاتور، خطوات الزمن باتجاه نهاية الكابوس. ومن عناوين هذا أوراق أذكر: وحدة الشاعر المفتقدة، جسدي خرقة، أفق الشرق المفتقد، بالونة النظريات، أطفال الليل، ضفادع الجواهري وأورويل، ما الموسيقى الجدية، آخر الشوط، من هو المثقف السياسي حقاً، الزهرة التي تتفتح في المنفى، أبناء الجملة المترجمة، آخر مظاهر العافية...