على رصيف الشارع المعبد تمددت داخل قشرتي السميكة. بسطت أغصاني الخضراء لألتقط بأطراف حواسي ذرات الشجن التي فاحت في الشارع، خارجة من نوافذ الشقق المجاورة. خفضت بصري لأرى جذعي، هل هو بنّي أم أخضر أم غير ذلك؟ كم دائرة داخله؟ كم دودة تسعى فيه؟ وكم حشرة تلوذ به؟ راحت بشرتي تجف،...
على رصيف الشارع المعبد تمددت داخل قشرتي السميكة. بسطت أغصاني الخضراء لألتقط بأطراف حواسي ذرات الشجن التي فاحت في الشارع، خارجة من نوافذ الشقق المجاورة. خفضت بصري لأرى جذعي، هل هو بنّي أم أخضر أم غير ذلك؟ كم دائرة داخله؟ كم دودة تسعى فيه؟ وكم حشرة تلوذ به؟ راحت بشرتي تجف، وأوراقي تفقد رطوبتها. عرفت أني سأفقد أوراقي قريباً من دون أن يأبه أحد لعريي، وأن طفلة ستهرس أوراقي الأرجوانية اليابسة، مستمتعة بخشخشتها في ذهابها الى المدرسة، وقد تختبىء بي من صديقها، الذي قد يبول عند قدمي... لكن ألماً مفاجئاً أيقظني من حلمي. كانت أجراس الكنيسة تدق دقة الساعة السادسة. سمعت صوت الموت الذي واجه جدّاتي يوماً. تمنيت حينئذ لو أستطيع الفرار، ولو أن للشجرة قدمي امرأة أو جناحي سنونوة. طوق الألم جذعي وراح يحوله الى نثار مجنون. لم يهدأ جنونه إلا بعدما قسمني قسمين.