يعالج المؤلف في هذا الكتاب موضع البرلمان السوري في تطوره التاريخي فبعد أن يستعرض الآراء الأوروبية الكلاسيكية حول موقع البرلمان في منظمة سلطة الدولة. بعد أن يشرح الظاهرتين اللتين عانت منها سوريا في خضم تطلعها لمستقبل ديمقراطي سليم: سواء في عهد الانتداب الفرنسي دأب على تشويه...
يعالج المؤلف في هذا الكتاب موضع البرلمان السوري في تطوره التاريخي فبعد أن يستعرض الآراء الأوروبية الكلاسيكية حول موقع البرلمان في منظمة سلطة الدولة. بعد أن يشرح الظاهرتين اللتين عانت منها سوريا في خضم تطلعها لمستقبل ديمقراطي سليم: سواء في عهد الانتداب الفرنسي دأب على تشويه المفهوم الصالح للتمثيل الشعبي، أو في عهود الدكتاتورية العسكرية التي تألبت على البلاد وعصفت بمبادئ هذا التمثيل. فهو يعد بعد ذلك إلى دخول في تفاصيل التجربة الرائدة التي مضت على مدى ثلاثة عقود، مترعة بالاستقرار السياسي الذي أتاح للتجربة أن تتفاعل، وتفيد التجارب العلمية بغية إزالة الشوائب وتحقيق الأفضل، وهو يبدأ بالاستنتاج بأن المهام بالنسبة للمجتمعات الإسلامية هل مهمة الجمع بين الخبرة العالمية لنشوء النظام البرلماني وبين التقاليد السياسية والحقوقية للمجتمع الإسلامي، متسلحاً بخبرة عمله الذاتي في البرلمان السوري على مدار سنوات طويلة خرج منها بالوثوق بوجوب أن يضطلع البرلمان في الدولة الديمقراطية بالدور القيادي في منظومة المؤسسات السياسية، وذلك بعد أن شرح النظريات العالمية التي عالجت طبيعة السلطتين التشريعية والتنفيذية وتاريخ صراعهما ومراحل طغيان أحدهما على الأخرى. واصلاً بعد ذلك إلى التساؤل "هل يعتبر النظام المعين استمراراً للثقافة السياسية التقليدية أم أنه ظاهرة جديدة تماماً مجلوبة من الخارج؟ علماً بأن الحضارة الإسلامية التي بقيت العاصمة السورية دمشق مركزاً لها لوقت طويل لم تكن حضارة مغلقة بل إنها تقبلت قيم الحضارات السابقة والحضارات المجاورة. لكنه يستطرد كجواب عن هذا التساؤل بإثبات مواجهة بين الطبيعية الغيبية للإسلام بما فيه الإيمان بالقدر وما بين التراث البدوي الذي يحمل الأفراد على الخضوع للقبيلة والعشيرة. ومن خلال هذه المواجهة برز القيم الأخلاقية التي تشكل خلفية التمثيل الشعبي في بلد إسلامي شرقي كسوريا. وينتقل بعد ذلك إلى التحدث عن الحركات الفكرية والسياسية المعاصرة عن الإسلام إلى مفهوم الخلاقة عند المسلمين وتفاصيلها، مستطرداً بمنأى عن الشعور بمركب نقص أمام الأوروبيين وأعفاهم من وجوب أن ينقلوا عن الغرب أنماط التمثيل الديمقراطي التي لا تنسجم مع ظروفهم وتكوينهم، وهذا ما كان رائدهم أخيراً عندما طلعت عليهم الحركة التصحيحية بمثال خاص بحضارتنا وحاجاتنا وهذا ما ورد في الجانب من الكتاب الشارح لخصائص عملية تكوين الوعي الاجتماعي والثقافة السياسية في سوريا.