يشغل بول فيريليو مكانة فريدة علاى خارطة الفكر والفلسفة المعاصرين في فرنسا. وتأتي تلك الفرادة من عاملين متضافرين أولهما أن فيريليو لا يأتي إلى الفلسفة من الدروب المعبّدة للدراسات الأكاديمية، تلك الدروب التي ترتسم حسبها مصائر المشتغلين في عالم المعرفة منذ خطواتهم البدئية...
يشغل بول فيريليو مكانة فريدة علاى خارطة الفكر والفلسفة المعاصرين في فرنسا. وتأتي تلك الفرادة من عاملين متضافرين أولهما أن فيريليو لا يأتي إلى الفلسفة من الدروب المعبّدة للدراسات الأكاديمية، تلك الدروب التي ترتسم حسبها مصائر المشتغلين في عالم المعرفة منذ خطواتهم البدئية الأولى في الدراسات الأكاديمية. وثانيهما أن فيريليو لم يدخل المعترك الفكري والجمالي من أبواب الموضوعات والقضايا الفلسفية الكبرى التي اعتاد المفكرون التناظر والجدل فيها وإنما فتح مسالك مبتكرة لم يسبقه إليها أحد كالعلاقة بين السرعة والسياسة أو كجماعة التلاشي... وفي الكتاب الذي نضع هنا بين يدي القارئ العربي ترجمة له بعنوان "ماكينة الإبصار"، يقوم فيريليو بدراسة سيرورة عملية تغييب دور العين في عملية الإبصار من خلال عرض ذكي، متعدد الاختصاصات، لتطور التقنيات الإبصارية من العدسات المقوّمة المستعملة في النظارات والمراصد الفلكية، وحتى ذلك الاختراع الذي يعطي للكتاب عنوانه والمتمثل بإيجاد آلة قادرة على الإبصار تحل محل العين.