"ليس صحيحاً أن قبلاي خان كان يصدق كل ما يرويه ماركو بولو، وهو يصف له المدن التي زارها أثناء سفراته، ولكن امبراطور التتار، على أي حال، واصل الإصغاء، إلى الشاب الفينيسي بفضول واهتمام أكبر مما أصغى إلى أي من رسله أو موفديه". وهكذا تبدأ هذه العلاقة لرحلات في مدن لا وجود لها على أي...
"ليس صحيحاً أن قبلاي خان كان يصدق كل ما يرويه ماركو بولو، وهو يصف له المدن التي زارها أثناء سفراته، ولكن امبراطور التتار، على أي حال، واصل الإصغاء، إلى الشاب الفينيسي بفضول واهتمام أكبر مما أصغى إلى أي من رسله أو موفديه". وهكذا تبدأ هذه العلاقة لرحلات في مدن لا وجود لها على أي خارطة. والغرابة في هذه المدن ليست جغرافية فحسب؛ فالمرء لا يدري إلى أي ماضٍ أو حاضر أو مستقبل تنتمي هذه المدن التي تحتل كل منها اسم امرأة. في البدء تستيقظ فينا إشارات وملامح من شرق خرافي، شرق ألف ليلة وليلة، ثم تتغير المعالم شيئاً فشيئاً وتقود القارئ إلى أماكن معاصرة حتى تغطي الكرة الأرضية كلها، وتنال، عبر ذلك كله، مدن لا يمكن أن توجد إلا في الأحلام لها الأشكال المحتملة كلها. في التنظيم المدهش والغريب لمنافذ "مدن الخيال" وجنباتها وشوارعها، لاتساعها وامتداداتها، لأخلاقها وعاداتها وعلاقاتها، تقول المدن، كما في الحلم، ما هي عليه لسكانها، لأسمائها، للذكريات، للرغبات للأزمنة، للنظر، للمعرفة.