عندما كنت أحكي لا بنتي ريا عن عبد الحق، كما لو كان شخصاً ثالثاً، وافرح بما يجيء به، وأناقش أراءه وأفكاره، كانت تبتسم، وتقول: بابا، كأنك تتحدث عن شخص ثالث، أنسيت أنك هو! أتعيد بكماليون؟ أفكنت إياه حقاً؟! يصعب علي تصديق ذلك، فقد كان وجوداً آخر، وجوداً ملأ وجودي بالحقيقة والجرأة...
عندما كنت أحكي لا بنتي ريا عن عبد الحق، كما لو كان شخصاً ثالثاً، وافرح بما يجيء به، وأناقش أراءه وأفكاره، كانت تبتسم، وتقول: بابا، كأنك تتحدث عن شخص ثالث، أنسيت أنك هو! أتعيد بكماليون؟ أفكنت إياه حقاً؟! يصعب علي تصديق ذلك، فقد كان وجوداً آخر، وجوداً ملأ وجودي بالحقيقة والجرأة والبساطة. لقد مهد لي الطريق، وخلصني من عقدة (الكمال) التي كنت أطمح إليها، وعلمني ألا أقهر أية رغبة فنية وألا أحجب أي وميض يشع في زوايا الذهن. وكانت هذه الانتباهة الموجعة هي لحظة الوداع الأخير مع عبد الحق البغدادي الذي لم يبق لي غير هذه الأوراق، ولوعة يشهد الله أنها حقيقة.