-
/ عربي / USD
تحتل هذه الرواية موقعاً ريادياً من الرواية العراقية، ومكاناً طليعياً في الرواية العربية، وهي إحدى الروايات القليلة، الجديدة بصفة الواقعية، على الرغم من انتشار هذه الصفة في الأمس واليوم، فكأن رواية غائب كانت علامة في مسار الرواية العراقية بقدر ما كانت علامة في تطور الرواية العربية الباحثة عن الواقع. تتفتح الرواية على "سليمة الجنازة"، امرأة من تعب وحزن وحرمان، وتلتقط تفاصيلها المقهورة، فالجفن غليظ والعين كليلة، أكلت منهما نيران الموقد شيئا، والثوب أسود سميك، وغبار الأيام ينقش العين والثوب وجدران الغرفة المائلة. وكي تؤكد الرواية ملامح المرأة، تضع إلى جانبها نخلة، عاقر هي وقميئة، فتكون النخلة مرآة لمن يقف إلى جانبها بقدر ما تكون المرأة التعبة مرآة لنخلة عاقر. إمرة ونخلة يودعان زمناً ويستقبلان الفراغ، أو يودعان زمناً لا ينفتح إلا على الفراغ. تدور الرواية في بغداد، في أحياء صفتها الأولى الفقر الشامل، أما زمن الرواية فهو الحرب الكونية الثانية، سنواتها الأخيرة، وزمن الاستعمار البريطاني والمواجهة بين الفاشية وأعداء الفاشية في العالم. تتكئ الرواية على مشهد تاريخي واسع، يلتقي فيه المواطن الفقير بعدوّ يتجول في شوارع مدينته ويلوّثها، ويسمع فيه الفقير، أو لا يسمع، بأحداث تعيد صياغة العالم. يضيء المشهد التاريخي الشخصيات من جديد، يكشف عريها الشامل، ويشير إلى مساحتها الضيقة، التي تجاور المشهد التاريخي العريض، ولا تتقاطع معه إلا في صدفة حزينة، فكأن بين المشهد الإنساني الواسع وجزر الفقراء التائهة قطيعة أو شيئاً يقترب من القطيعة. رواية كتب قبل زمن، ومر زمن وذهب كاتبها إلى المنفى، وظلت الرواية صحيحة تشهد على زمانها وعلى قولها الروائي الصحيح الذي يعكس حقيقة موضوعية تتجاوز زمنها. "النخلة والجيران" رواية عن الأمس بقدر ما هي رواية عن اليوم، فقد يختلوا الأمس باليوم حتى الذوبان.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد