-
/ عربي / USD
...... وفجأة، مع خطوتنا الأولى داخل الغرفة الواسعة، انتصبت أمامنا المشنقة. المشنقة إياها. مشنقة السجن النظامية. كانت تحتل الثلث الأخير من الغرفة. والحبل المتين، مجدول بشكل منتفخ، سمين، وتتدلى أنشوطته معقودة في عقدة كبرى، تسمح للجلاد بالتوسيع والتضييق، وبدا لي أن الحبل مدهون بمادة ما، تساعد في انزلاق طرفه من عقدة الأنشوطة المرتخية. تحت الأنشوطة تماماً يظهر الشق بين اللوحين اللذين ينفتحان على الهوة تحت قدمي من ينفذ فيه حكم الإعدام. حدقت في المشنقة طويلاً. واضح أنها موضع عناية دائمة. كانت نظيفة جداً. ماثلة بكل سطوتها. محايدة في آن. تشكيلة من خشب وحبل وحديد.. الغريب، أنني لم أرتعش لمرآها. كما كان منامي، قربها، بلا كوابيس، ولا أحلام. لقد نمت عميقاً. ربما كان السبب هو الإعياء الذي نال مني إلى حد التبلد في ردود الفعل، والإستجابة الى ما يواجهني. في الصباح، حين أيقظونا، ونقلونا الى الزنزانات، وبعد أن أخذت مكاني في إحداها، بدأت أقارن صور آلة الموت التي قرأت عنها، وشاهدتها في السينما، بآلة الموت هذه التي جاورتها ليلة كاملة. كنت أفكر بالحبل تحديداً. إنه ليس الحبل المتدلي من شجرة يهوذا الإسخريوطي، وليس حبل المصادفة، المعد على عجل لقاطع طريق قد ينقذه أصحابه في اللحظة الأخيرة. ليس حبل القيصر الذي قد يفكه عن رقبة المحكوم رسول جاء ينهب الأرض علي جواده، ملوحاً بأمر العفو. هذه المشنقة هي آلة الجريمة الكاملة التي لا يعتورها خطأ، أو احتمال مغاير.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد