لكل نظام معرفي هوية تحددها الوظيفة التي يعمل من خلالها. والوظيفة التي تحدد هوية النظام المعياري أو العقل والبيان داخل الفكر الإسلامي هي تلك الخاصة بمعالجة العلاقة التكليفية أي العلاقة المتضمنة لمحاور التكليف بين المكِلف والمكلَف. ومع أن لهذا النظام اعتبارات معرفية مختلفة,...
لكل نظام معرفي هوية تحددها الوظيفة التي يعمل من خلالها. والوظيفة التي تحدد هوية النظام المعياري أو العقل والبيان داخل الفكر الإسلامي هي تلك الخاصة بمعالجة العلاقة التكليفية أي العلاقة المتضمنة لمحاور التكليف بين المكِلف والمكلَف. ومع أن لهذا النظام اعتبارات معرفية مختلفة, بعضها ذاتية بيانية, والأخرى عارضة عقلية, ورغم أن الأخيرة تنقسم الى منهجين معرفيين مختلفين, لكن ما يجمع هذه المناهج والدوائر هو الروح العامة المتمثلة بالنزعة المعيارية كما تعكسها نظرية التكليف. وقد ظهر بينها أربعة أنماط من الصراع تعبر عن تناقضات بعضها ذاتية, وبعضها عارضة. فالتأسيس العقلي لم يتخذ منظومة مشتركة ولا قاعدة متّحدة. فقد كان هناك عدد من الاعتبارات جعلت من هذا التأسيس يتعدد بتعددها, بل ويتناقض بتناقضها. ففي الغالب كان العقل منقسماً إلى اتجاهين متضادين تولد عنهما الصراع والنزاع, وهو ما أطلقنا عليه (صراع العقل مع العقل), تمييزاً له عن صراع آخر جرى بين العقل والبيان. كما حدث صراع ثالث بين اتجاهات الدائرة البيانية, يضاف إلى التنافس الحاصل بين الدائرة العقلية والتشريع الديني. وعموماً, تكشَف لنا عبرة هذه الدراسة حالة الضعف والقصور التي تنتاب جميع مناهج الفهم لدى الفلسفة والعرفان ضمن النظام الوجودي. وبذلك تكتمل الصورة في عرضنا الأنظمة ومناهج الفهم لتراثنا المعرفي الإسلامي, بما تتضمنه من ضعف وخلل, مما يجعل الحاجة ماسة للبحث عن منهج مغاير يتفادى ما اعترى المناهج السابقة من خلل وقصور.