فتنة القراءة هي حال المفتون المعجب بفعل التأويل والتفسير، أو هي حال الغواية والإبتلاء بفعل التأويل والتفسير؛ هذا الحال هو فعل معرفي كاشف يؤكد إقتران فعل القراءة بفعل التأويل والتفسير من ناحية أولى، ويجعل فعل القراءة فعلاً هرمنيوطيقياً من ناحية أخرى.إن القراءة تسهم،...
فتنة القراءة هي حال المفتون المعجب بفعل التأويل والتفسير، أو هي حال الغواية والإبتلاء بفعل التأويل والتفسير؛ هذا الحال هو فعل معرفي كاشف يؤكد إقتران فعل القراءة بفعل التأويل والتفسير من ناحية أولى، ويجعل فعل القراءة فعلاً هرمنيوطيقياً من ناحية أخرى.
إن القراءة تسهم، أولاً، في تحويل المكتوب إلى منطوق، وهذا التحويل ليس إستجابة مجهولة للعلامات على الورق مثل الفونوجراف، وإنما هو موضوع إنتاجي بالدرجة الأولى، أو هو موضوع أدائي، يؤدي فيه القارئ خطابه وخطاب النص.
وتسهم القراءة، ثانياً، في شرح ما هو غامض أو مختفٍ لتجعله واضحاً جلياً معلناً؛ فالقراءة تبحث عن معنى المستتر وراء المعنى الظاهر، إنه بحث عما سكت عنه النص ونفاه واستبعده ولم ينطق به، ومهمة القارئ أن يشرح لماذا سكت النص؟... ولماذا استبعد ونفى؟...
إنه يشرح آليات إشتغال النص، وتسهم القراءة، أخيراً، في الترجمة بين عالمين، عالم النص وعالم القارئ، إن الكتابة بوصفها مشكلة هرمنيوطيقية تخلق نوعاً من المباعدة بين النص والقارئ، ولذلك فهناك الإحتياج الدائم إلى الوسيط الذي يتولى مهمة النقل والترجمة من عالم إلى آخر.