شارك هذا الكتاب
رجفة العناوين
الكاتب: ظافر الجبيري
(0.00)
الوصف
"سأكون معك حتى النهاية. ومدّت يدهالي، فمددت يدي، ترددت في السير معها بدءاً... كانت باسمةً وحالمة، فنسيت الرسميات، وتذكرت بساطتي التي حفظتني كثيراً من قلق التوجسات إفرحت بالسير مع محبوبة تضحك للبسطاء مثلي... تأسف للحزانى، فتنسلّ دموع غزار، مجراها يمرّ على قلبي... توقفت لألتقط...
"سأكون معك حتى النهاية. ومدّت يدهالي، فمددت يدي، ترددت في السير معها بدءاً... كانت باسمةً وحالمة، فنسيت الرسميات، وتذكرت بساطتي التي حفظتني كثيراً من قلق التوجسات إفرحت بالسير مع محبوبة تضحك للبسطاء مثلي... تأسف للحزانى، فتنسلّ دموع غزار، مجراها يمرّ على قلبي... توقفت لألتقط قصة يتيم دامع العينين... أَنْصَتتْ... وعندما انزويتُ لأكتب، صمتت إحتراماً للحظة الكتابة - الولادة... حبّرت صفحة وأخرى، وفجأة نفذ الحبر من قلمي، تلفتُّ يميناً ويساراً، وعندما فتحت الدرج باحثاً عن قلم، أسرعتْ وأخرجت واحداً... كيف لا أحبّها!...

كانت قادرة على السير معي إلى آخر الدنيا... وكلما توقفت طلباً للراحة توقفت معي يجب، كيف لا أحبها!... ونحن في إحدى رحلات جنوننا، في الطائرة، ابتسمت لي فشعرت بروعة السماء من علٍ، وقد تلونت بصفحة وجهها النقي، وإزدادت الطائرة تحليقاً مع فتنة إبتسامتها... هبطة بنا الطائرة فشدّت على يدي: "الحمد لله على السلامة... هنا أرض لويجي براندللو، لا تسافر كثيراً هذه مكتبة تبيع كتب أصدقائك، خوآن رولفو، ماركيز وبورخيس، هيمنجواي، محفوظ، ميشيما، موراكامي، موندو"، نظرت إليّ والتاريخ يقطر من قسماتها، وبقلب صاخب بالأمل، قالت في ثقة: "ستنضم لهم".

عبرنا ساحات روما ومقاهي نابولي وجدّ فناً عبر ممرات فينيسيا الحانية في جندول استأجرته كي أحلم وأقرأ جمال المكان وأغني... لم نمكث سوى الزمن الماضي للوجد الحاضر والتالي، وعادونا الرحيل ويدها في يدي... كيف لا أحبها! في ديار الصقالبة، قالت، ونحن نعبر الساحة الحمراء: لا تنشغل بذكرى بوشكين الذي فقد حياته في مبارزة على قلب امرأة، وغمزت: أنت ترى أن الأمر لا يستحق كل هذه المخاطرة! كيف عرفِت؟...

سطورك الحزينة كشفت ذلك اليأس العميق...! وقطعت الحوار لتقول: لا تنسى الطبيب صاحب النظارة - تشيخوف، لقد مرّ من هنا... قُلّ عنه فيما بعد سطرين! شعرتُ أنها تسبق قلبي، وتحرك لساني حيناً، وقلمي أحياناً أخرى... فوعدتها خيراً، وأضمرت أن أخفي عنها بعض سرّي لأرى قدرتها على مباغتتي في خلوات الوجد ومكابدات اللوعة، ووعدت نفسي أن أتملّى وجهها العذب وأتفحّص خطوات الرشيقة التي توزعت نبضاً إنسانياً عبر العصور... هبطنا ترى باريس، وقالت: هذي أرض موباسان، فاعمل شيئاً يتذكرك به الحيّ اللاتيني، وتكتب اللوموند بعض قصتك!...

تجاسرت وخبأت أوراقي عنها، فوجدتها في كل سطر!... من أنت أيتها المزهرة على الورق؟ النابتة في تبلات الفؤاد؟ الوفية التي لوّنت أيامي بالأمل؟ يا من كنت شاهده وأنا أهزم الألم وأصفع المستحيل؟ أسألها بإلحاح، وتفضي خَفَراً وتقول: أنت المعشوق العاشق الحبيب الأديب الوفي، ثم تضحك، وتردف: "غرورك مقبرة..."... "مقبرة لليأس...".

كادت أن تقفز لتخبر كل من قرأ وسيقرأ كلماتي، لكنها واصلت إنتظار همسي، قلت: لقاؤنا الأول لا أذكره فقد خرجت نبتة من الأرض - الحياة، أو كلمة من فهم الزمان والمكان والحقيقة!... هذا مفترق الطرق، مكان اللقاء الأول، توقفت وقلت: لن أبرح حتى أعرف من أنتِ؟... حان الوقت لتكشفي لي وجه الجمال أكثر، وتفتحي كتاب الحقيقة عن آخره!... قالت: لن أتركك، سأكون لك ومعك إلى الأبد!، ولكن، ألم تعرفني، نظرت نحوها ونشوة عارمة تتلبسني، وانحسرت قليلاً قليلاً غلالة من ضباب، فانجلت أول أسرار الحضور العظيم... وشيئاً فشيئاً، انفتح الكتاب السريّ الذي رافقني طوال الرحلة الباذخة، الكتاب الكونيّ الذي حَمَلني لأجل أن أبقى معشوقاً ووفيّاً...".

وينفتح الكتاب الكوني أمام ناظري الكاتب كما المتلقي... كما القارئ ليبين عن تلك التي أحبها الكاتب... وكيف لا يحبها القارئ... هي قصتهما... بل قصصهما معاً... هي رجفة عناوين ما كانت سوى بوح قلب... وهمس قلم وليس بوجع قلب وصرير قلم فبالبوح والهمس يحملان القارئ على أجنحة في الخيال... ويحطان به على أرض واقع أوحى بحكايا هي على الرغم من قصرها، استطاعت أن تمضي بعيداً عن عمق النفس الإنسانية... في تطلعاتها... في أنّاتها... في همساتها كما في صرخاتها...
التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9789953930459
سنة النشر: 2017
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 82
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 2-5 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين