إن ما يجعل الشعر لحظة خارقة، ومبهرة، وإستثنائية، هو وعي الشاعر لذاته، وقد عرف زاهر العسيري كيف يبني تفاصيلها، في "أحتمي بالغياب" بروح شفافة، متنقلاً من تجربته الذاتية إلى تجربة إنسانية عميقة، تمتد على طول صفحات الديوان، وقد صاغها بتعبيرية رمزية طبيعية، ولغة موحية، فاتحاً...
إن ما يجعل الشعر لحظة خارقة، ومبهرة، وإستثنائية، هو وعي الشاعر لذاته، وقد عرف زاهر العسيري كيف يبني تفاصيلها، في "أحتمي بالغياب" بروح شفافة، متنقلاً من تجربته الذاتية إلى تجربة إنسانية عميقة، تمتد على طول صفحات الديوان، وقد صاغها بتعبيرية رمزية طبيعية، ولغة موحية، فاتحاً أمام القارىء آفاقاً تأويلية لقراءة الإنسان من خلال الوجدان، والطبيعة والزمن. "أنا شاعرٌ / ويكفي أنني شاعرٌ! / كأن النخل تلويحي / وعطر الزهر إحساسي / كأن الغيم من روحي / وصوت الريح أنفاسي / أنا شاعرٌ !!".
وعلى هذا المنوال يمضي الخطاب الشعري، ليحط رحاله عند الحبيبة، عبر مجموعة من الصور الموحية، والتخييل، والمعاني الرقيقة. ومن هنا يلمس القارىء للنص قدرة الشاعر على تطويع الكلمات، والإرتقاء بها إلى مستوى عاطفي عال، يمكنه من القبض على مشاعر قارئه من خلال إخراج المفردات من معانيها الواضحة، إلى معانيها المستترة، وتحويلها إلى علامات لغوية مشحونة بالعاطفة والحياة في آن معاً. يقول الشاعر في قصيدته المعنونة "أحتمي بالغياب":
"أغيبُ / أسافرُ / أخرج منّي / أغادرُ عمري / أحاولُ نفياً لروحي الشقيّة / والقاك أنتِ .. هناكَ / سكوناً كبيتك عند اقتراب المساء / وحباً غريباً بحزن الشتاء / (...) أسافر عنكِ / أحاول أن أحتمي بالغياب / أحاول أن أستقل الفناء (...)". هكذا يتحقق المعنى الذي أراد الشاعر انتزاعه من الغياب الكامن في النص المكتوب والسير به إلى نص الحياة.
يضم الديوان "أحتمي بالغياب" ثلاثة وستين قصيدة تتراوح بين الشعر العربي الحديث، والشعر العربي الموزون والمقفى (شعر التفعيلة) جاءت في الكتاب تحت العناوين الآتية: "أنا شاعر" ، "قولي" ، "منزل" ، "دون شفاه" ، "إليه" ، "إلى صاحب الشعر الحزين" ، "باب السحاب" (...) وقصائد أخرى.