في هذا الكتاب ثمة تقاطع بين السيرة والذاكرة عند الدكتور إبراهيم العثيمين، تدخل معه في علاقات متناهية مع الحياة والكتابة، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، وبذلك تكون مادة الكتاب منزلة بين المنزلتين، منزلة الكاتب ومنزلة من يقرأ النص، وبين البداية والختام. (مقالات) للكاتب هي...
في هذا الكتاب ثمة تقاطع بين السيرة والذاكرة عند الدكتور إبراهيم العثيمين، تدخل معه في علاقات متناهية مع الحياة والكتابة، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، وبذلك تكون مادة الكتاب منزلة بين المنزلتين، منزلة الكاتب ومنزلة من يقرأ النص، وبين البداية والختام. (مقالات) للكاتب هي حصيلة نتاجه الأدبي والمعرفي لسنوات ويبدأها بعشقه لـ (درم) المدينة التي أحبها "أعشق ذلك الإمتزاج بين أجراس الكنائس وصوت المدينة تحت زخات المطر ... يا له من إحساس يصل بك إلى ذروة النشوة فتعثر في لغتك وانت تحاول تجسيده". روح الكاتب هذه وعشقه لكل جميل سينعكس في مقالات أخرى سيتحضر لنا فيها صوت مارسيل خليفة في "أحن إلى خبز أمي" وقصة هذه القصيدة لعملاق الشعر محمود درويش، وفي " من الغيبة الصغرى إلى غياهب الجب" عنوان يقف فيه الكاتب على أيام جميلة عاشها في كندا، مستعادة مع القصيبي الذي أضحك الناس ورحل، وأما (أنشودة المطر) جعلت الكاتب يعود بالذاكرة إلى "الرياض بشوارعها العاكفة تحت وطأة الأمطار الثقيلة والمنهمرة على أرصفتها تجعلك تصدح بأغنية (أبو نورة) "آه ما أرق الرياض تالي الليل" المدنية التي رأى فيها الكاتب "امرأة حالمة عاشقة جريئة كلما اقتربت منها لملمت شتاتك وبعثرت همومك ..." ما ينبىء بحب للوطن وإنسانية عالية ترى في الوطن ملاذاً من كل حزن. ويختتم الكتاب بمقالة طريفة عن (تجليات ما بعد كأس الـ "فيتو" يصف فيها حب الناس للطعام وحال الصائمين بعد الإفطار بقوله: "ألا تعلمون أن الفطور .. مروراً بالغداء ونقرشة ما بعد الغداء مروراً إلى العشاء .. ونقرشة ما بعد العشاء .. هي مجموعة لقيمات تنفخ الكرشات وتزيد الحسرات، لقيمات يتلقفها الفم بكل استحياء .. وتحاول أن تخبيها المعدة بكل ما أوتيت من قوة ولكن يأبى الجسم إلا أن يفضحها على الملأ ويهتك سترها ... ".