يشكل المكان الشخصية الأبرز في رواية (الجنين الميّت) للروائي ناصر سالم الجاسم، ففي الشكل، تشغل منطقة "الشقيق" حيزاً واسعاً في النص بحيث يتم ذكرها في صفحات عديدة، وفي المضمون، تحضر هذه المنطقة من خلال موقعها الجغرافي ومن خلال الأحداث التي تدور فيه، والتي تترك بصمتها في...
يشكل المكان الشخصية الأبرز في رواية (الجنين الميّت) للروائي ناصر سالم الجاسم، ففي الشكل، تشغل منطقة "الشقيق" حيزاً واسعاً في النص بحيث يتم ذكرها في صفحات عديدة، وفي المضمون، تحضر هذه المنطقة من خلال موقعها الجغرافي ومن خلال الأحداث التي تدور فيه، والتي تترك بصمتها في الشخصيات التي تقطنه، حيث يتم التعبير عن حالة خاصة لهذا المكان بكل طقوسه ليصبح هذا "الشقيق" أنثى بيضاء مع اقتراب الفجر كما يعبر عن ذلك الفضاء الروائي "الفجر والسيجارة ترتجف بين أصابعي والشقيق أنثى بيضاء تفيق من سكرة الليل".
وفي المتن الروائي تبرز البيئة الإحسائية كذاكرة سردية تواصل لدلالات عديدة، وتكون ثيمة الحب المؤطرة بإطار المكان هي محور الأحداث في الرواية وتندرج في إطار علاقة اوسع مع المحيط أو البيئة بطقوسها وعاداتها وتقاليدها، لتكشف عن قصة حب رائعة بتفاصيل إنتقالية تنشأ بين عمر السالم ودانة الحسن اللذان سوف يدخلان في علاقة حب تتواءم فيها مشاعرهما، رقة وشفافية وهو ما تكشف عنه اللغة الشاعرية والوصفية التي تربط بين جماليات المكان وحالة الحب التي يتحدث عنها وذلك للقول بأن المكان يمكن له أن يخلق حالة حب خاصة قد تتطور لتشمل طقوساً خاصة بهذا المكان "ومن طقوس هذه الليلة التزيين بالريحان الإحسائي فتجد الشقيقات قبل هذه الليلة أو في عصر الرابع عشر من شهر شعبان يتوجهن إلى مزارع القرية ...". وبهذا المعنى الفضاء المكاني يكون هو طاقة هذا العمل ويتمثل ذلك في الإنتقال بالأحداث الروائية بين منطقة وأخرى بين الشقيق والقرين وبين الشمال وجبل القارة حتى تصل وقائع الرواية إلى مكة المكرمة، وكل هذه الأمكنة تنضوي تحت مظلة الحب التي تتمازج بين عمر ودانة التي سوف تنتهي نهاية مؤلمة عمد الروائي فيها إلى أسطرة الواقع والقول أن التقاليد هي التي تحكم الناس في النهاية. ففي نهاية الرواية ينتهي عمر السالم موظفاً صغيراً في التعليم ولم يتزوج، أما دانة فقد بقيت لها أمنية واحدة وهي ألا يخمد فعل الحب بينهما، أكملت دراستها الجامعية على مضض دون زواج ولا يُعرف عنها أكثر من ذلك ...