يشكل الشعر العُماني على الساحة الأدبية هاجساً بارزاً للمثقف والثقافة العُمانية؛ لأنه جزء من أجزائها ومكوّن من مكوناتها؛ يتطور بتطوّرها وينسجم ويتفاعل معها بحسب نزعة الشاعر وأسلوبه وخياله.لذا، عالجت هذه الدراسة الشعر العُماني الحديث والمعاصر، كونه وليد عهده ووقته، إذ لم...
يشكل الشعر العُماني على الساحة الأدبية هاجساً بارزاً للمثقف والثقافة العُمانية؛ لأنه جزء من أجزائها ومكوّن من مكوناتها؛ يتطور بتطوّرها وينسجم ويتفاعل معها بحسب نزعة الشاعر وأسلوبه وخياله.
لذا، عالجت هذه الدراسة الشعر العُماني الحديث والمعاصر، كونه وليد عهده ووقته، إذ لم يبلغ عمر طفرته وتطوره عصر النهضة الحديثة في عُمان؛ التي بدأت عام 1970. وكونه غنياً بالكثير من الظواهر التي تحتاج إلى بذل جهوده لتتبعها، وبما أن القصيدة الشعرية – في حقيقتها – مجموعة من الجماليات التي تظهر أثر المعاناة الصادقة والإحساس العميق؛ فإن الدراسة تتبعت المفردة اللونية الصريحة في هذا الشعر، واعتبرته محرّضاً لانفعالاتنا الجمالية وخيالاتنا الحيوية.
وقد اتخذت الدراسة عنواناً لها: "الصورة اللونية في الشعر العُماني الحديث"، ويقصد بها مصطلح الصورة اللونية: ذلك التركيب اللغوي الذي يكون اللون فيه محوراً فنياً وعملياً في الإبداع الشعري؛ بحيث يمد التركيب بدلالات متعددة حسب سياق الكلام.
وانطلاقاً من كون اللون يشكل في هذا الشعر ظاهرة جمالية لها قيمة دلالية ذات ابعاد نفسية وإجتماعية ودينية وأسطورية ... الخ، فقد حاولت الدراسة إظهاره بصورة جليّة، واضعةً في الحسبان أن المعالجة ستكون للغة الشعر وليست للغة الفن التشكيلي الذي تربطه باللون علاقة وطيدة. ولما كان اللون في لغة الشعر يتميز بانتقاله من مخاطبة البصر بدلالاته إلى مخاطبة الذهن بتجلّياته، فقد حاولت الدراسة إظهاره لاستجلاء الآفاق الرحبة التي يتمتع بها في السياق الشعري الطافح بالكثير من المواقف المتعددة والمختلفة حسب طبيعة الزمان والمكان والحدث.
كما جاءت الدراسة بمصطلح الصورة مع اللون؛ رابطة بذلك مصطلحين معاً؛ لتؤكد أن دلالتيهما مشتركة في التوظيف؛ فكلاهما يدل على التعبير عمّا يجول في نفس الشاعر من خواطر وأحاسيس.
لذا لم يتعمد البحث تتبع الألوان الأساسية – التي حددها في الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والأسود والأبيض – لذاتها؛ بل لما تبثّه من دلالات ومعانٍ في السياق الشعري.
وقد سعت الدراسة إلى إبراز ظاهرة الصورة اللونية في الشعر العُماني الحديث والمعاصر من خلال مجموعة من الدواوين تفاوتت طباعتها بين 1975م و2009م، ساعيةً وراء النصوص التي ذكرت اللفظة اللونية المباشرة وما يمثل المظاهر المدرسة، دون التركيز على اصحابها في مراتبهم الشعرية أو أجيالهم الزمنية، ولا تزعم الدراسة أنها ستحيط بسائر الشعراء أو المظاهر المدرسة؛ بل سترصد الخطوط العامة للصورة اللونية في الشعر العُماني الحديث والمعاصر.