تندرج مجموعة "أصوات وروائح" القصصية في إطار القص الشعبي المتمحور حول واقع غارق في الغرائبية والسوريالية، ويجافي السياق الطبيعي في الحياة، وهو غرابة يصنعها المتخيل الروائي في إحالة على عالم مرجعي غارق في تخلفه وأوهامه، يؤمن بالمعتقدات الشعبية من سحر وشعوذة وبقاء الأرواح...
تندرج مجموعة "أصوات وروائح" القصصية في إطار القص الشعبي المتمحور حول واقع غارق في الغرائبية والسوريالية، ويجافي السياق الطبيعي في الحياة، وهو غرابة يصنعها المتخيل الروائي في إحالة على عالم مرجعي غارق في تخلفه وأوهامه، يؤمن بالمعتقدات الشعبية من سحر وشعوذة وبقاء الأرواح وغير ذلك، يتمظهر هذا الكلام في القصة التي تحمل عنوان "المنبوذ" الذي لم نعرف إذا كان إنساناً أم حيواناً، والذي ظل وجوده يؤرق أصحاب المنزل في طعامهم ومنامهم، فقرروا قتله "بعد أربعين يوماً، حين أحسوا أنه صار يهددهم في غذائهم الأساسي الذي يظل نيئاً في القدور بدون أن ينضج، وصار وبره يوسخ كل أغراضهم بدون أن ينكنس، أجمعوا رأيهم على التخلص منه إلى الأبد مهما تطلب الأمر (...)، ولكن الوبر الأبيض والمصفر ظل على نحو غامض ينتشر في أرجاء المنزل ويتكاثر كلما نسوه. كما أن الأرز ظل نيئاً ولا ينضج أبداً في قدورهم. وبكوا لأنهم لم يتمكنوا من قتله ثانية". هذا الفضاء الروائي العبثي، الغرائبي، تتركز حوله معظم نصوص المجموعة، وقد اختار له الروائي عبد الله خليفة عبد الله، خطاباً روائياً يجاريه في عبثيته، ويمارس هامشاً كبيراً من التجريب، وبهذا يكون العبثي مرادفاً للتخلف على المستوى الحكائي، ومرادفاً للحديث / القص على المستوى الخطابي وكأن الروائي ينسف مفهوم الحكاية بالمعنى المتداول في الرواية العربية، أو فلنقل هو أقرب إلى العبث السردي الذي يمارسه من يكتب في إطار التجريب.