كتاب المزيني «مواجهة الطائفية» على أن المجتمع الخليجي خاصة، والمجتمعات العربية عامة، تدعو إلى موجة عارمة من التنابز الطائفي المتبادل بين السُّنة والشيعة. وليست هناك حاجة إلى توصيف هذا الوضع المؤسف؛ لوضوحه لكل ملاحظ. لكن وضوحه وخطورته يوجبان التصدي لعلاجه بسرعة حتى لا...
كتاب المزيني «مواجهة الطائفية» على أن المجتمع الخليجي خاصة، والمجتمعات العربية عامة، تدعو إلى موجة عارمة من التنابز الطائفي المتبادل بين السُّنة والشيعة. وليست هناك حاجة إلى توصيف هذا الوضع المؤسف؛ لوضوحه لكل ملاحظ. لكن وضوحه وخطورته يوجبان التصدي لعلاجه بسرعة حتى لا يتطور إلى ما هو أسوأ مما هو عليه الآن.
ويؤكد على ضرورة التصدي لعلاج هذا التنابز ومعرفة الأسباب التي تغذيه وتديمه، وهي أسباب داخلية وخارجية. فتتمثل الأسباب الخارجية في علاقة دول الخليج العربي المتأزمة مع إيران، على المستويين المذهبي والسياسي، أما الأسباب الداخلية فتتمثل في علاقة الشيعة المأزومة كذلك بحكومات هذه الدول وبالمتطرفين من السُّنة فيها. ويمكن القول بدرجة عالية من اليقين إن المشكل الأساس الذي تقوم عليه هذه الأسباب ثقافي، بالمعنى العام للثقافة، في المقام الأول. وهذا ما يجعل الخطوة الأولى في معالجتها ثقافية بالضرورة.
ومعالجة هذا الوضع المتأزم ليست مستحيلة إن استفدنا من تجارب الأمم الأخرى التي نجحت في مواجهة أوضاع مشابهة بل أسوأ.
لكن هذا يحتاج إلى نية صادقة من الأطراف كلها للعمل على إنجاح هذا المشروع. وإذا ما توافرت النية الصادقة فإن وسائل النجاح متوافرة.
ويتطلب الكشف عن أسباب هذا الوضع قدراً عالياً من الأمانة الفكرية في الجرأة على نقد الذات بدلاً من تلمس الأعذار لها والاكتفاء باتهام الآخرين بدلاً من ذلك. فالنقد الذاتي هو العامل الحاسم في اكتشاف تهافت الحجج التي يتذرع بها العنصريون والطائفيون لإشعال نار الصراع المذهبي والعنصري بين الجانبين.
والنقد من الداخل أكثر صدقاً، وأكثر مردوداً، من النقد الذي يوجهه الآخرون الذين يكتفون بإبراز العيوب والمآخذ بقصد تدعيم عنصريتهم وطائفيتهم ضد الطرف المنقود بدلاً من معالجتهما.